يا ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ أحزانِ القلوبِ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــــوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
حاملاً في كفِّه العــودَ يُغنّــــي للغُيوبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليــلِ في الوادي الكئيبِ
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شُهد الوادي سُـــرَاها
أقبلَ الليلُ عليهــا فأفاقتْ مُقْلتاهـــــا
ومَضتْ تستقبلُ الواديْ بألحــانِ أساهــا
ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّــي شَفَتاهــا
آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري ما مُنَاهـــا
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ
وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْــتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ
فنَضتْ بُرْدَ نهارٍ لفّ مَسْــراهُ الحنيـــنُ
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ حزيــنُ
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ أنيـــنُ
إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديـــهِ الأَغــنِّ
هوذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيـــا مُتَمنٍّ
تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُــزْنِ
فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّــي
وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ
ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسماءِ ؟
أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعـــراء ؟
أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقــاءِ ؟
أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضيـاءِ ؟
عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المســـاء
طيفُكِ الساري شحوبٌ وجلالٌ وغمـوضُ
لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّه الليلُ العـريضُ
فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أســـرارٌ تَفيضُ
آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيـضُ
فارجِعي لا تَسْألي البَرْق فما يدري الوميضُ
عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سـرُّ الذُهُولِ ؟
ما الذي ساقكِ طيفاً حالماً تحتَ النخيـلِ ؟
مُسْنَدَ الرأسِ الى الكفَينِ في الظلِّ الظليلِ
مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ
ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميــلِ
أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ
فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائنــاتُ
قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ الحيــاةُ
ليس يَدْري العاصـفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ
فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
دمشـــــقي الهوى قلبي ... وما أحلاه أن يبقى هوى قلبي دمشـــقيا
Eng:M.A
Moderator
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 3276
محـــبــــتـــــي
رد:نازك الملائكة
« رد #1 في: 01 24, 2004, 11:11:10 »
--------------------------------------------------------------------------------
قصيدة (أنا)
نازك الملائكة
الليلُ يسألُ من أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنّعتُ كنهي بالسكونْ
ولفقتُ قلبي بالظنونْ
وبقيتُ ساهمةً هنا
أرنو وتسألني القرونْ
أنا من أكون?
والريحُ تسأل من أنا
أنا روحُها الحيران أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ
فإذا بلغنا المُنْحَنى
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ
فإِذا فضاءْ!
والدهرُ يسألُ من أنا
أنا مثلهُ جبّارةٌ أطوي عُصورْ
وأعودُ أمنحُها النشورْ
أنا أخلقُ الماضي البعيدْ
من فتنةِ الأمل الرغيدْ
وأعودُ أدفنُهُ أنا
لأصوغَ لي أمسًا جديدْ
غَدُهُ جليد
والذاتُ تسألُ من أنا
أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في ظلام
لا شيءَ يمنحُني السلامْ
أبقى أسائلُ والجوابْ
سيظَل يحجُبُه سراب
وأظلّ أحسبُهُ دنا
فإذا وصلتُ إليه ذابْ
وخبا وغابْ
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
دمشـــــقي الهوى قلبي ... وما أحلاه أن يبقى هوى قلبي دمشـــقيا
ert
عضو ممتاز
غير متصل
الجنس:
رسائل: 105
قمة التحدي أن تبتسم وفي عينيك ألــــف دمـــعـــة
غسلاً للعار
« رد #2 في: 03 28, 2004, 09:46:14 »
--------------------------------------------------------------------------------
[poet font="Arial,4,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/16.gif" border="ridge,4,indigo" type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
أماه وحشرجةٌ ودموع وسواد
وأنبجس الدم وأختلج الجسم المطعون
والشعر المتموج عشش فيه الطين..
أمــــــاه ... ولم يسمعها إلا الجلاد
وغداً سيجيئ الفجر وتصحو الأوراد
والعشرين تنادي والأمل المفتون
فتجيب المرجة والأزهار رحلت عنا غسلاً للعار
ويعود الجلاد الوحشي ويلقى الناس
العار(ويمسح مديته) مزقنا العار
ورجعنا فضلاء بيض السمعة أحرار
يــا... ربَّ الحانة أين الخمرة وأين الكاس
نادي الغانية الكسلا العاطرة الأنفاس
أفدي عينيها با القرأن وبلأ قدار
أملئ كاساتك يا جزار وعلى المقتولة غسلاً للعار
***************
وغداً سيعود الفجر وتسأل عنها الفتيات
وأين تراها (فيرد الوحش) قتلناها
وصمتُ عارٍ في جبهتنا وغسلناها
وستحكي قصتها السوداء الجارات
وسترويها في الحارة حتى النخلات
حتى الأبواب الخشبية لن تنساها
ستهمسها حتى الأحجار
غسلاً للعار غسلاًً للعار
******
يا جارات الحارة يا فتيات القرية
الخبز سنعجنه بدموع مأقينا
سنقص جدائلنا وسنسلخ إيدينا
لا بسمة لا فرحة لا لفة فا المدية
تراقبنا في قبضة والدنا وأخينا
وغداً من يدري أي قفار ٍ
سيوارينا غسلاً للعار
*****
نازك الملائكة
[/poet]
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
التذكــار شكل من أشكال اللقــاء
النسيان شكل من أشكال الحرية
(جبران خليل جبران)
هـــادى
Moderator
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 4071
أظهرك وأوجدك ليظهر لا لتظهر
جامعة الظــــــــلال.../ نازك الملائــــــــكة
« رد #3 في: 05 06, 2004, 10:26:54 »
--------------------------------------------------------------------------------
أخيرا لمست الحياه
وأدركت ماهى أىّ فراغ ثقيل
أخيرا تبيّنت سرّ الفقاقيع واخيبتاه
وأدركت أنى أضعت زمانا طويل
ألمّ الظلال وأخبط فى عتمة المستحيل
ألمّ الظلال ولا شىء غير الظلال
ومرّت علىّ الليال
وها أنا أدرك أنى لمست الحياه
وان كنت أصرخ واخيبتاه .
***
ومرّ علىّ زمان بطىء العبور
دقائقه تتمطّى ملالا كأن العصور
هنالك تغفو وتنسى مواكبها أن تدور
زمان شديد السواد ولون النجــوم
يذكّرنى بعيون الذئاب
وضوء صغير يلوح وراء الغيوم
عرفت به فى النهايه لون السراب
ووهم الحياه
فواخيبتاه
****
أهذا اذن هو ما لقّبوه الحياه ؟
خطوط نظلّ نخططها فوق وجه المياه؟
وأصداء أغنية فظة لا تمسّ الشفاه؟
وهذا اذن هو سرّ الوجود؟
ليال ممزقة لا تعود؟
واّثار أقدامنا فى طريق الزمان الأصم
******
تمرّ عليها يد العاصفه
فتمسحها دونما عاطفه
وتسلمها للعدم
ونحن ضحــايا هنا
تجوع وتعطش أرواحنا الحائره
ونحسب أن المنى
ستملأ يوما مشاعرنا العاصره
ونجهل أنّا ندور
مع الوهم فى حلقات
نجزّىء ايامنا الاّفلات
الى ذكريات
وننتظر الغد خلف العصور
ونجهل أن القبور
تمد الينا بأذرعها البارده
ونجهل أن الستائر تخفى يدا مارده
*******
عرفت الحياة وضقت بجمع الظلال
وأضجرنى أن نجوب التلال
نحدّق فى حسرة خلف ركب الليال
تسير بنا القافله
نجوس الشوارع فى وحدة قاتله
الام يخادعنا المبهم ؟
وكيف النهايه ؟ لا أحد يعلم
**********
سنبقى نسير
وأبقى أنا فى ذهولى الغريرّ
ألمّ الظلال كما كنت دون اهتمام
عيون ولا لون لا شىء الا الظلام
شفاه تريد ولا شىء يقترب مما تريد
وأيد تريد احتضان الفضاء المديد
وقلب يريد النجوم
فيصفعه فى الدياجير صوت القدوم
يهيل التراب على اّخر الميّتين
وأقصوصة من يراع السنين
تضجّ بسمعى فأصرخ : اّه !
أخيرا عرفت الحياه
فواخيبتاه
**************
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
يا عالمَ الأسرار عِلمَ اليَقين
وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين
يا قابل الأعذار عُـــــدْنا إلى
ظِلِّكَ فاقْبَلْ تَوبَـــــةَ التائبين
هـــادى
Moderator
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 4071
أظهرك وأوجدك ليظهر لا لتظهر
دعــــوة الى الأحـــلام ..../نازك الملائـــكة ..
« رد #4 في: 07 30, 2004, 06:15:38 »
--------------------------------------------------------------------------------
تعال لنحلم , ان المســـاء الجميــــــل دنا
ولين الدجــى وخدود النجوم تنادى بنــــا
تعال نصيد الرؤى ، ونعـــد خيـــوط السّنا
ونشهد منحدرات الرّمــــــال على حـبّــــنا
***********
سنمشى معا فوق صدر جزيرتنا الساهده
ونبقى على الرّمل اثار أقدامـــنا الشـــارده
ويأتى الصـــباح فيلقى بأنــــــــدائه البـــارده
وينبت حــيث حلمنا ولــــو وردة واحـــــــــده
*********************
سنحلم أنّا صعـــــدنا نرود جبــــــــــال القمــر
ونمرح فى عزلة اللانهـــــــاية واللابشــــــــــر
بعيدا . بعيدا . الى حيث لا تســـتطيع الذكــر
الينا الوصــــول فنحن وراء امتداد الفكـــــــــر
******************
سنحلم أنّا استحلنا صبيين فوق التـــــــــــلال
بريئين نركض فوق الصخور ونرعى الجمـــال
شريدين ليس لنا منزل غير كـــوخ الخيـــــــال
وحين ننام نمرّغ أجســـامنا فى الرّمـــــــــــال
*************
سنحلم أنّا نســــير الى الأمس لا للغـــــــــــد
وأنّا وصلنا الى بـــــــابل ذات فجـــــــــــــر نـــد
حبيبين نحمـــــل عهد هوانــــــــا الى المعبـــد
يباركنا كاهـــــــــــن بابــــــــــلىّ نقــــىّ اليــــد
******************************
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
يا عالمَ الأسرار عِلمَ اليَقين
وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين
يا قابل الأعذار عُـــــدْنا إلى
ظِلِّكَ فاقْبَلْ تَوبَـــــةَ التائبين
Eng:M.A
Moderator
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 3276
محـــبــــتـــــي
رد:أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #5 في: 11 15, 2004, 04:37:46 »
--------------------------------------------------------------------------------
قصيدة ( للصلاة والثورة )
نازك الملائكة
"شاعرة عراقية، تعد الشاعرة العربية الأولى. جمعت بين الموهبة الأصيلة، والثقافة الرفيعة.. اعتصمت بالقيم العليا في لحظات ضياع الشعراء المعاصرين لها، وعلى الرغم من ريادتها للشعر الجديد، لم تتنكر لعمود الشعر العربي الأصيل. والنص الذي بين أيدينا، من أواخر نتاجها".
"تلقت الشاعرة بطاقة تهنئة بعيد الفطر، عليها صورة لمسجد قبة الصخرة بالقدس"
يا قبةَ الصخرهْ
يا وردُ، يا ابتهال، يا حضرهْ
ويا هدى تسبيحة علوية النبرهْ
يا صلوات عذبة الأصداءْ
جاشت بها الأبهاءْ
يا حرقة المجهول، يا تطلُّعَ الإنسان للسماءْ
يا وَلهَ الركوع"؛ يا طُهْرَهْ
يا وردة الخشوع، يا نداه، يا عطرهْ
يا مسجداً أسْكَتَ تسبيحاته صهيونْ
من أجل حلْم وقحٍ مجنونْ
كبَّلَ في أرجائه الصلاة والخضرهْ
ولوّث التاريخ والفكرهْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
يا جرح، يا ضماد يا زهرة
يا سَهَرَ الجراح في ارتعاشة الشفاهْ
يا حرقة الدعاء، يا تنهُّدَ الصلاهْ
هل تنبض الحياهْ
في هذه الأذرع والجباهْ؟
هل تدفق العطور والألوان والمياهْ؟
ينبجس النبع من الصخرهْ؟
وينبت الفداء ورداً ساخن الحمرهْ؟
نسقيه من تتمة الدعاءْ
من حمرة الدماءْ
نطعمه سنابل الفداءْ
تختصر الزمان في تسبيحة ثرّهْ
يصرخ فيها عطش الثورهْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
حيث الخراب مُسدِلاً شَعْرَهْ
يا رعشة التقوى، ويا انخطافة الصلاهْ
يا أثر السجود في الجباهْ
يا صلوات لامست عطورها الشفاهْ
يا وردة روحية الخدودْ
قد ذبلت ولم يحسّ موتها الوجودْ
يا مسجداً عطشان للقرآن والسجودْ
مسائلاً: كيف اختفى تهجُّدُ الرواقْ؟
وأين تسبيحاته الصوفية الأشواقْ؟
ولهفة الجدران، وارتعاشة العمودْ
وسكرة البخور في أمسٍ نَدٍ مفقودْ
كم ضرعت نوافذ؛ وأمطرت أدمعَها أبوابْ
في صرعة العذابْ!
كم رتّلتْ حكايةَ الإرهابْ
لوردة يتيمة عذراء مصفرّهْ
عطورها اضطرّت إلى الهجرهْ
دماؤها تحدَّرتْ وانسكبتْ على المصلَّى قطرةً قطرهْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
يا حقُّ، يا إيمان، يا ثورهْ
شمس حزيران طوتها غيمة في الفجر فانطوتْ
وأسدل الستار، والرواية انتهتْ
أقمارها هوتْ
أنجمها قد أغمضتْ عيونها، آفاقها خوتْ
ورودها تحت ثلوج الظلمة انحنتْ
ودولة اللصوص والقرودْ
ترشّفتْ دماءنا الحمراء وارتوتْ
ومزّقت أظفارُها ليونةَ الخدودْ
وأنشبت مخالب الحقودْ
في لحمنا، في كبرياء الأرض" في مراقد الجدودْ
غداً، غداً، تنفجر السجون واللحودْ
فلتسقطي يا دولة اليهودْ!
مازلتِ في سَكرَهْ
ميّتة الضمير؛ في تهوية قذْرهْ
تبعثرين السمّ والأشلاء بين الماء والخضرهْ
وتملأين الكأس بالدماء والخمرةْ
وباسم ماذا تُمنع الصلاة في الحضرهْ؟
وباسم ماذا يُسْرَقُ الأردنُّ والبيَّارة والنضرهْ؟
وباسم ماذا تُقْتَلُ الزهرهْ؟
* * *
يا قبة الصخرهْ
يا حقل قمح نادبٍ عطرهْ!
يا أرغناً مُقَطَّعَ الأوتارْ
يا معبداً مُرَوَّعَ القباب والأحجارْ
بين يدي جزّارْ
يقاتل الورود والسلام والأقمارْ
يسطو على الثمارْ
وينسف البيوت ظلماً؛ يحرق الأشجارْ
يشرّدُ الصغارَ والكبارْ
من أرضهم في ليلة ضائعة النهارْ
أصابعٌ للغدر إرهابية الأظفارْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
يا جنح ليلٍ فاقدٍ فجرهْ
متى تُرى: ستنفض الغبارْ
عن أرضنا؟ ونرفع الحصارْ؟
متى تُرى: نقتحم الأسوارْ؟
وغنوة الأمواج والخلجان والأغوارْ
تهمس في أسماعنا بأعذب الأشعارْ
هتافها ينبض بالأسرارْ
فلنبدأ الإبحارْ
قلوعُنا والهةٌ؛ لعلها تعيش في انتظارْ
وفي المدى جزائر المرجان والمحارْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
يا ذِكْرُ، يا ترتيلُ، يا حضرهْ
متى نصلّي فيك، هل ستنبت البذرهْ؟
هل نعبر المسالك الوعرهْ؟
ترمقنا ذئابُها بالنظرة والشزْرهْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
وجهُكِ، هل نحظى به يا عذبة النظرهْ؟
ونحن قد شطّ بنا المزارْ
تقاذفتْنا البيد والبحارْ
وطوّحتْ بركبنا وأهلنا الأسفارْ
ترفضنا الكهوف، والغابات، والأمصارْ
خيامنا على خطوط النارْ
وزادنا التقوى، وملح الأدمع الغِزارْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
يا صمتُ؛ يا ضياعُ يا حيرهْ
متى نرى أبوابك القدسيّة البرَّهْ؟
وننتهي إليك عبر الشُّعب الخطرهْ؟
جِرارُنا خاويةٌ، متى - ترى - تمتلئ الجرارْ؟
حقولنا قد يبستْ؛ فهل – تُرى - ستسقط الأمطارْ؟
وعند بواباتنا تنتظر الأقدارْ
متى نصلّي؟ إنما صلاتنا انفجارْ
صلاتنا ستطلع النهارْ
تسلّح العزَّل؛ تعلي راية الثوارْ
صلاتنا إنذارْ
إلى عدوّ، خادع، غدّارْ
تاريخه قد كُتبتْ سطوره بريشة المكر وحبر العارْ
صلاتنا ستشعل الإعصارْ
ستزرع السلاح والزنبق في القفارْ
تحوّل اليأس إلى انتصارْ
صلاتنا ستنقل الجدب إلى اخضرارْ
وتطعم الصغارْ
فاكهة الصمود والإصرارْ
يا قبة الصخرة من صلاتنا سيرتوي آذارْ
وتنبت الرايات والثمارْ
صلاتنا تفجّر الأنهارْ
وتبعث الغناء، والليمون، والأحرارْ
تعيدنا للوطن المسروق، تمحو العارْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
يا رمز، يا تاريخ؛ يا فكرهْ
غداً، غداً،، يختلج اسم الله في القدس وفي الخليلْ
ينتفض العدل المدمَّى صارخاً، يستيقظ القتيلْ
تنبت من دمائه زهرهْ
في عطرها سمٌ وتخفي كأسها جمرهْ
تسكب في أشداق إسرائيلْ
مذاق هول زاحف من الفرات العذب حتى النيلْ
عندئذ ينطفئ الغليلْ
وترتوي جدائل الزيتون والنخيلْ
وتنعس الثارات بعد السهر الطويلْ
كأنما خيامنا عُدْنَ من الرحيلْ
* * *
يا قبة الصخرهْ
يا لغم، يا إعصار، يا سجينة خطْرهْ
على الذي يسجنها؛ غداً يصير سجنها قبرهْ
يا قبة الصخرهْ
حاشاكِ أن ترضَيْ هوانَ الأمة الحرهْ
سيهبط النصر على مرتّلِي القرآنْ
على المُصلِّين؛ وفي صوامع الرهبانْ
على الفدائيين في أودية النيرانْ
غداً، غداً، ينفجر البركانْ
ويبدأ الطوفانْ
ينتفض الشهيد في الأكفانْ
ويكسر القضبانْ
يقاتل الآسر والسّجانْ
ينتصر الإنسانْ
يرتفع الأذانْ
حراً عبيريّ الصدى من قبة الصخرهْ
يرطّب المهامه القَفْرهْ
ويعلن الصلاة والجهاد، والثورهْ
في القدس، في الجولان، في سيناءْ
في المدن العذراءْ
في الريف، في سجون إسرائيل، في الصحراءْ
في الأرض، في السماءْ
سيستحيل الماء، والتراب، والهواءْ
مَدافعاً فاغرةً، وثورةً حمراءْ
تزلزل العصابة السوداءْ
فيسقط الطغيانْ
ويُزهق الباطل والبهتانْ
ويمكرون مكرهم، ويمكر الرحمانْ.
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
دمشـــــقي الهوى قلبي ... وما أحلاه أن يبقى هوى قلبي دمشـــقيا
Who Knows
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 293
لا يوجد!
رد:أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #6 في: 12 19, 2004, 09:27:00 »
--------------------------------------------------------------------------------
نبذة عن حياة نازك الملائكة
ولدت الشاعرة نازك الملائكة في بغداد عام 1923م ، ونشأت في بيت علمٍ وأدب ، في رعاية أمها الشاعرة سلمى عبد الرزاق أم نزار الملائكة وأبيها الأديب الباحث صادق الملائكة ، فتربَّت على الدعة وهُيئتْ لها أسباب الثقافة . وما أن أكملتْ دراستها الثانوية حتى انتقلت إلى دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 بدرجة امتياز ، ثم توجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية للاستزادة من معين اللغة الانكليزية وآدابها عام 1950 بالإضافة إلى آداب اللغة العربية التي أُجيزت فيها . عملت أستاذة مساعدة في كلية التربية في جامعة البصرة .
تجيد من اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ، بالإضافة إلى اللغة العربية ، وتحمل شهادة الليسانس باللغة العربية من كلية التربية ببغداد ، والماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكونس أميركا .
مثّلت العراق في مؤتمر الأدباء العرب المنعقد في بغداد عام 1965 .
آثارها : لها من الشعر المجموعات الشعرية التالية :
& عاشقة الليل صدر عام 1947.
& شظايا ورماد صدر عام 1949 .
& قرارة الموجة صدر عام 1957 .
& شجرة القمر صدر عام 1965 .
& مأساة الحياة وأغنية للإنسان صدر عام 1977 .
& للصلاة والثورة صدر عام 1978 .
& يغير ألوانه البحر طبع عدة مرات .
& الأعمال الكاملة - مجلدان - ( عدة طبعات ) .
ولها من الكتب :
& قضايا الشعر المعاصر .
& التجزيئية في المجتمع العربي .
& الصومعة والشرفة الحمراء .
& سيكولوجية الشعر .
كتبت عنها دراسات عديدة ورسائل جامعية متعددة في الكثير من الجامعات العربية والغربية .
&نشرت ديوانها الأول " عاشقة الليل " في عام 1947 ، وكانت تسود قصائده مسحة من الحزن العميق فكيفما اتجهنا في ديوان عاشقة الليل لا نقع إلا على مأتم ، ولا نسمع إلا أنيناً وبكاءً ، وأحياناً تفجعاً وعويلاً " وهذا القول لمارون عبود .
ثم نشرت ديوانها الثاني شظايا ورماد في عام 1949 ، وثارت حوله ضجة عارمة حسب قولها في قضايا الشعر المعاصر ، وتنافست بعد ذلك مع بدر شاكر السياب حول أسبقية كتابة الشعر الحر ، وادعى كل منهما انه اسبق من صاحبه ، وانه أول من كتب الشعر الحر ونجد نازك تقول في كتابها قضايا الشعر المعاصر " كانت بداية حركة الشعر الحر سنة 1947 ، ومن العراق ، بل من بغداد نفسها ، زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله وكادت ، بسبب تطرف الذين استجابوا لها ، تجرف أساليب شعرنا العربي الأخرى جميعاً ، وكانت أول قصيدة حرة الوزن تُنشر قصيدتي المعنونة " الكوليرا " وهي من الوزن المتدارك ( الخبب) . ويبدو أنها كانت متحمسة في قرارها هذا ثم لم تلبث أن استدركت بعض ما وقعت فيه من أخطاء في مقدمة الطبعة الخامسة من كتابها المذكور فقالت :عام 1962 صدر كتابي هذا ، وفيه حكمتُ أن الشعر الحر قد طلع من العراق ومنه زحف إلى أقطار الوطن العربي ، ولم أكن يوم أقررت هذا الحكم أدري أن هناك شعراً حراً قد نظم في العالم العربي قبل سنة 1947 سنة نظمي لقصيدة (الكوليرا) ثم فوجئت بعد ذلك بأن هناك قصائد حرة معدودة قد ظهرت في المجلات الأدبية والكتب منذ سنة 1932 ، وهو أمر عرفته من كتابات الباحثين والمعلقين لأنني لم أقرأ بعد تلك القصائد في مصادرها " .
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
الخوف....
هو البوابة التي تدخل منها
قافلة التنازلات
وقواميس النفاق
Who Knows
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 293
لا يوجد!
رد:أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #7 في: 12 28, 2004, 02:21:52 »
--------------------------------------------------------------------------------
مأساة الحياة
عبثاً تَحْلُمين شاعرتي ما
من صباحٍ لليلِ هذا الوجود
عبثاً تسألين لن يُكْشف السرُ
ولن تَنْعمي بفكِ القيودِ
في ظلال الصفصافِ قَضَيتِ ساعاتكِ
حَيْرى تُمضُك الأسرارُ
تسألين الظلالَ و الظلُ
لايعلمُ شيــــــئاً....
أبداً تنظرين للأ ُفق المجهول
حَيْرى فهل تجلّى الخفيُّ؟
أبداً تسأليـــــن...
...صمتٌ مُسْتغلِقٌ أبديُّ
فيمَ لا تيأسينَ؟ ما أدركَ الأسرارَ
قلبٌ من قبلُ كي تدركيها
أسفاً يا فتاةُ لن تفهمي الأيامَ
فلتقنعي بأن تجهليها
أُتركي الزورق الكليل تسِّيرْه
أكفُّ الأقدارِ كيف تشاءُ
ما الذي نلتِ من مصارعة الموجِ؟
وهل نامَ عن مناكِ الشقاءُ؟
آهِ يا من ضاعتْ حياتك في الأحلامِ
ماذا جَنَيْتِ غير الملالِ؟
لم يَزَلْ سرُّها دفينا فيا ضياعهَ
عُمْرٍ قضَّيتِهِ في السؤالِ
هُوَ سرُّ الحياة دقَّ على الأفهامِ
حتى ضاقت به الحكماءُ
فيأسي يا فتاةُ ما فُهمتْ من
قبلُ أسرارُها ففيم الرجاءُ؟
جاء من قبلِ أن تجيئي إلى الدُّنْيا
ملايينُ ثم زالوا و بادوا
ليتَ شعري ماذا جَنَوْا من لياليهمْ؟
وأينَ الأفراحُ و الأعيادُ؟
ليس منهم إلاَّ قبورٌ حزيناتٌ
أقيمت على ضفاف الحياةِ
رحلوا عن حِمَى الوجودِ ولاذوا
في سكونٍ بعالم الأمواتِ
كم أطافَ الليلُ الكئيب على الجو
وكم أذعنت له الأكوانُ
شهد الليلُ أنّه مثلما كان
فأينَ الذينَ بالأمس كانوا؟
كيف يا دهرُ تنطفي بين كفَّيك
الأماني وتخمد الأحلامُ؟
كيف تَذْوي القلوبُ وهي ضياءٌ
ويعيشُ الظلام ُوهو ظلام
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
الخوف....
هو البوابة التي تدخل منها
قافلة التنازلات
وقواميس النفاق
Another_One
عضو فعّال
غير متصل
رسائل: 32
لا يوجد!
رد:أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #8 في: 02 12, 2005, 06:38:08 »
--------------------------------------------------------------------------------
يعطيكم العافية على هيك مجهود
واعذروني على التقصير لاني ما زلت عضو جديد
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
Make New Friends
But Keep Your Old
The New Are Silver
But The Old Are Gold
Who Knows
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 293
لا يوجد!
رد:أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #9 في: 03 09, 2005, 04:27:02 »
--------------------------------------------------------------------------------
مرثية يوم تافه
لاحتِ الظلمةُ في الأفْق السحيقِ
وانتهى اليومُ الغريبُ
ومضت أصداؤه نحو كهوفِ الذكرياتِ
وغداً تمضي كما كانت حياتي
شفةٌ ظمأى وكوبُ
عكست أعماقُهُ لونَ الرحيقِ
وإِذا ما لمستْهُ شفتايا
لم تجدْ من لذّةِ الذكرى بقايا
لم تجد حتى بقايا
انتهى اليومُ الغريبُ
انتهى وانتحبتْ حتى الذنوبُ
وبكتْ حتى حماقاتي التي سَمّيتُها
ذكرياتي
انتهى لم يبقَ في كفّيّ منه
غيرُ ذكرى نَغَمٍ يصرُخُ في أعماق ذاتي
راثياً كفّي التي أفرغتُها
من حياتي , وادّكاراتي , ويومٍ من شبابي
ضاعَ في وادي السرابِ
في الضباب .
كان يوماً من حياتي
ضائعاً ألقيتُهُ دون اضطرابِ
فوق أشلاء شبابي
عند تلِّ الذكرياتِ
فوق آلافٍ من الساعاتِ تاهت في الضَّبابِ
في مَتاهاتِ الليالي الغابراتِ .
كان يوماً تافهاً . كان غريبا
أن تَدُقَّ الساعةُ الكَسْلى وتُحصي لَحظاتي
إنه لم يكُ يوماً من حياتي
إنه قد كان تحقيقاً رهيبا
لبقايا لعنةِ الذكرى التي مزقتُها .
هي والكأسُ التي حطّمتها
عند قبرِ الأمل الميِّتِ , خلفَ السنواتِ ,
خلف ذاتي
كان يوماً تافهاً.. حتى المساءِ
مرت الساعاتُ في شِبْهِ بكاءِ
كلُّها حتى المساءِ
عندما أيقظَ سمعي صوتُهُ
صوتُهُ الحُلْوُ الذي ضيّعتُه
عندما أحدقتِ الظلمةُ بالأفْقِ الرهيبِ
وامّحتْ حتى بقايا ألمي , حتى ذنوبي
وامّحى صوتُ حبيبي
حملت أصداءه كفُّ الغروبِ
لمكانٍ غابَ عن أعينِ قلبي
غابَ لم تبقَ سوى الذكرى وحبّي
وصدى يومٍ غريبِ
كشحوبي
عبثاً أضرَعُ أن يُرجِعَ لي صوتَ حبيبي
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
الخوف....
هو البوابة التي تدخل منها
قافلة التنازلات
وقواميس النفاق
Eng:M.A
Moderator
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 3276
محـــبــــتـــــي
رد:أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #10 في: 04 17, 2005, 08:44:28 »
--------------------------------------------------------------------------------
قصيدة ( غرباء )
نازك
أطفئ الشمعةَ واتركنا غريبَيْنِ هنا
نحنُ جُزءانِ من الليلِ فما معنى السنا?
يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ
يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ
سُمّيتْ نحنُ وأدعوها أنا:
مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ
غُربَاءْ
اللقاء الباهتُ الباردُ كاليومِ المطيرِ
كان قتلاً لأناشيدي وقبرًا لشعوري
دقّتِ الساعةُ في الظلمةِ تسعًا ثم عشرا
وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى
أسألُ الساعةَ ما جَدْوى حبوري
إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,
غرباءْ
مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها الذُّبولُ
كالغدِ المجهولِ لا أدري أفجرٌ أم أصيلُ
مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ
خلتُهُ يخنق أنفاسي ويطغى في دمائي
خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ
أنتما تحت أعاصيرِ المساءِ
غرباءْ
أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ
يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف
أو لا تُبْصرُ? عينانا ذبولٌ وبرودٌ
أوَلا تسمعُ? قلبانا انطفاءٌ وخمودُ
صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ
ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ
غرباءْ
نحن من جاء بنا اليومَ? ومن أين بدأنا?
لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين.. فدَعنا
نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا
بعضُ حبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا
آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا
قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا
غُرباءْ
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
دمشـــــقي الهوى قلبي ... وما أحلاه أن يبقى هوى قلبي دمشـــقيا
s u n r i s e
عضو ممتاز
غير متصل
الجنس:
رسائل: 102
دائم الثورة ياقلبي وإن صارت صباحاتي مسا
رد: أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #11 في: 01 19, 2007, 05:25:17 »
--------------------------------------------------------------------------------
...
سجل
s u n r i s e
عضو ممتاز
غير متصل
الجنس:
رسائل: 102
دائم الثورة ياقلبي وإن صارت صباحاتي مسا
رد: أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #12 في: 01 19, 2007, 05:31:54 »
--------------------------------------------------------------------------------
...
سجل
هـــادى
Moderator
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 4071
أظهرك وأوجدك ليظهر لا لتظهر
رد: أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #13 في: 06 23, 2007, 11:17:52 »
--------------------------------------------------------------------------------
( الأفعــــــوان )
***********
أين أمشــى ؟ مللـــت الــدروب
وسئمــت المــــروج
والعــدو الخفـــى اللجـــوج
لم يــزل يقتفــى خطواتــى فأين الهروب ؟
الممرات والطـــرق الذاهبــــات ؟
بالاغانى الى كل أفق غريــب
ودروب الحيــــاة
والدهاليز فى ظلمات الدجى الحالكـــات
وزوايا النهار الجــــديب
جبتها كلها ، وعدوى الخفى العنيـــد
صامد كجبال الجليــد
فى الشمال البعيـــد
صامد كصمـــــود النجــــــــوم
فى عيون جفاها الرقــــــــــــاد
ورمتها أكـــف الهمــــــــــــــوم
بجراح السهــــــاد
صامـــد كصمــــود الزمــن
ســـــاعة الانتظـــــار
كلمــا أمعنــــت فـى الفــــرار
خطــــواتى تخطـــى القنن
وأتانى بما حطمتـــه جهـــود النهار
من قيــود التذكر .. لن أنشد الانفــلات
وعدوى المخيـــف
مقلتـــاه تمــج الخريــــف
فوق روح تـــريد الربيـــع
ووراء الضبـــاب الشفيــــف
ذلــك الأفعـــــــوان الفظيــع
ذلك الغــول أى انعتــــــــــاق
من ظــلال يديـــه علـــــى جبهتــى البارده
أين أنجـــو وأهدابـــه الحاقــده
فى طريقــــى تصــــب غــدا ميتـــا لا يطاق .
***********
0
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
يا عالمَ الأسرار عِلمَ اليَقين
وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين
يا قابل الأعذار عُـــــدْنا إلى
ظِلِّكَ فاقْبَلْ تَوبَـــــةَ التائبين
صقر قريش
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 265
يا حروفي ذكريهم إن قلبي محتويهم
صلاة الأشباح للشاعرة نازك الملائكة
« رد #14 في: 09 18, 2007, 07:14:34 »
--------------------------------------------------------------------------------
تململت الساعةُ الباردهْ
على البرج, في الظلمة الخامدهْ
ومدّتْ يدا من نُحاسْ
يدًا كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ
يدَ الرَّجل المنتصبْ
على ساعة البرج, في صمته السرمديّ
يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ
وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ
على القلعة الراقدهْ
على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت
تظَلّ تحدَّقُ, ينطقُ فيها السكوتْ
وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب:
"صلاةٌ, صلاهْ!"
**
ودبّتْ حياهْ
هناكَ على البُرْج, في الحَرَس المُتْعَبينْ
فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ
ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ
ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ
وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ
تُشير: "صلاةٌ, صلاهْ!"
فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ,
صدى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ
يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ
فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ
هزيلٌ شَحِبْ,
يَجُرّ رَمَادَ السنينْ,
يكاد الدُّجى ينتحبْ
على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ
**
وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ
يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ, لا يُدْركونْ
لماذا يسيرونَ? ماذا عسى أن يكونْ?
تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ
أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ
وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب
وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ,
نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ,
نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ
وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ
على البرج كالعنكبوتْ
يدٌ من نحاسْ
يحرّكها في احتراسْ
فترسل صيحَتها في الدياجي
"صلاةٌ, صلاهْ"
**
وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ
رأى حارس شَبَحَيْن
يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن?
تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ
وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ
ولكنّ عينيهما في انطفاءْ
ولفظُ "صلاة صلاهْ"
يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ
**
"ألستَ ترى"
"خُذْهما!"
ثم ساد السكون العميق
ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق
**
وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير
وحيثُ الغموضُ المُثيرْ
وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ
يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ
ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ
على البرج مستغْرَقًا في سكوتْ,
فيرتفعُ الصوت ضخْمًا, عميق الصدى, كالزمان
ويرتجفُ الشَّبَحانْ
**
"من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ"
"ومن ظُلُمات البيوت"
"من الشُرَف الماردهْ"
"من البرجِ, حيثُ يدُ العنبكوتْ"
"تُشيرُ لنا في سكوتْ"
"من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ"
"أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ"
"أتيناكَ, نحن عبيدَ الزمانْ"
"وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ"
"أتينا نَجُرّ الهوانْ"
"ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ"
"ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ"
"وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ"
"أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ"
"أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ"
"على أعينِ المُذْنبينْ"
"على أعينِ الهاربينْ"
"إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ"
"من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ. يا من نراهْ"
"صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ"
"يحدّق, عيناه لا تغفوان"
"وكفَّاه مَطْويّتانْ"
"على ألفِ سرٍّ. أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ"
"على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ"
"نُناديهِ, دونَ دموعْ,"
"ونصرخ: آهْ!"
"تعِبْنا فدعْنا ننامْ"
"فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا: "صلاهْ!"
"إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ,"
"ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ"
"على كل باب بأيديهم الباليه"
"وقد أكلتْها القُرونْ"
"ولم تُبْق منها سوى كومة من عظامْ"
"تعبنا... فدعنا ننامْ.."
"ننامُ, وننسى يد الرجل العنكبوتْ"
"على ساحة البرج. تنثُرُ فوق البيوتْ"
"تعاويذَ لعنتها الحاقدهْ"
"حنانك بوذا, على الأعينِ الساهدهْ"
"ودعها أخيرًا تموتْ"
**
وفي المعبد البرهمي الكبيرْ
تحرّكَ بوذا المثيرْ
ومدّ ذراعيه للشبحَيْنْ
يُبارك رأسيْهما المُتْعَبيْنْ
ويصرخُ بالحَرَس الأشقياءْ
وبالرَّجُلِ المنتصبْ
على البرْج في كبرياءْ,
"أعيدوهما!"
ثم لفَّ السكونُ المكانْ
ولم يبقَ إلا المساءْ,
وبوذا, ووجه الزمانْ
[ 1949 ]
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
ابتسامتك هى افضل ما يجدد حياتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
*~*Tamara*~*
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 561
رد: أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #15 في: 10 04, 2007, 12:33:59 »
--------------------------------------------------------------------------------
مَرَّ القطار - لنازك الملائكة
الليل ممتدُّ السكونِ إلى المدَى
لا شيءَ يقطعُهُ سوى صوتٍ بليدْ
لحمامةٍ حَيْرى وكلبٍ ينبَحُ النجمَ البعيدْ،
والساعةُ البلهاءُ تلتهمُ الغدا
وهناك في بعضِ الجهاتْ
مرَّ القطارْ
عجلاتُهُ غزلتْ رجاءً بتُّ أنتظرُ النهارْ
من أجلِهِ .. مرَّ القطارْ
وخبا بعيداً في السكونْ
خلفَ التلال النائياتْ
لم يبقَ في نفسي سوى رجْعٍ وَهُونْ
وأنا أحدّقُ في النجومِ الحالماتْ
أتخيلُ العرباتِ والصفَّ ا لطويلْ
من ساهرينَ ومتعبينْ
أتخيلُ الليلَ الثقيلْ
في أعينٍ سئمتْ وجوهَ الراكبينْ
في ضوءِ مصباحِ القطارِ الباهتِ
سَئمتْ مراقبةَ الظلامِ الصامتِ
أتصوّرُ الضجَرَ المريرْ
في أنفس ملّت وأتعبها الصفيرْ
هي والحقائبُ في انتظارْ
هي والحقائبُ تحت أكداسِ الغبارْ
تغفو دقائقَ ثم يوقظها القطارْ
وُيطِلُّ بعضُ الراكبينْ
متثائباً، نعسانَ، في كسلٍ يحدّق في القِفارْ
ويعودُ ينظرُ في وجوهِ الآخرينْ
في أوجهِ الغُرَباء يجمعُهم قطارْ
ويكادُ يغفو ثم يسمَعُ في شُرُودْ
صوتاً يغمغمُ في بُرُودْ
" هذي العقاربُ لا تسيرْ !
كم مرَّ من هذا المساء؟ متى الوصولْ ؟"
وتدقٌّ ساعتُهُ ثلاثاً في ذُهُولْ
وهنا يقاطعُهُ الصفيرْ
ويلوحُ مصباحُ الخفيرْ
ويلوحُ ضوءُ محطةٍ عبرَ المساءْ
إذ ذاكَ يتئدُ القطارُ المُجْهَدُ
... وفتىً هنالكَ في انطواءْ
يأبى الرقادَ ولم يزلْ يتنهدُّ
سهرانَ يرتقبُ النجومْ
في مقلتيه برودةٌ خطَّ الوجومْ
أطرا فَهَا .. في وجهِهِِ لونٌ غريبْ
ألقتْ عليه حرارةُ الأحلام آثارَ احمرارْ
شَفَتاهُ في شبهِ افترارْ
عن شِبْهِ حُلْمٍ يفرُشُ الليلَ الجديبْ
بحفيفِ أجنحةٍ خفيّاتِ اللُحونْ
عيناهُ في شِبْهِ انطباقْ
وكأنها تَخْشَى فرارَ أشعةٍ خلف الجفونْ
أو أن ترى شيئاً مقيتاً لا يُطَاقْ
هذا الفتى الضَّجِرُ الحزينْ
عبثاً يحاول أن يرَى في الآخرينْ
شيئاً سوى اللُغْزِ القديمْ
والقصّةِ ا لكبرى التي سئمَ الوجودْ
أبطالهَا وفصولهَا ومضَى يراقبُ في برودْ
تَكْرارَها البالي السقيمْ
هذا الفتى.....
وتمرُّ أقدامُ الَخفيرْ
وُيطل وجهٌ عابسٌ خلفَ الزُجاجْ،
وجهُ الخفير!
ويهزُّ في يدِهِ السِراجْ
فيرى الوجوهَ المتعَبة
والنائمينَ وهُمْ جلوسٌ في القطارْ
والأعينَ المترقبة
في كلّ جَفْنً صرخةٌ باسمِ النهارْ،
وتضيعُ أقدامُ الخفير الساهدِ
خلفَ الظلامِ الراكدِ
مرَّ القطار وضاع في قلبِ القفارْ
وبقيت وحدي أسألُ الليلَ الشَّرُود
عن شاعري ومتى يعودْ ؟
ومتى يجيء به القطارْ ؟
أتراهُ مرَّ به الخفير
ورآه لم يعبأ به .. كالآخرينْ
ومضى يسيرْ
هو والسِّراجُ ويفحصانِ الراكبين
وأنا هنا ما زلتُ أرقُبُ في انتظارْ
وأوَدُّ لو جاءَ القطارْ ....
1948
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
<br />Dont worry! be always happy
*~*Tamara*~*
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 561
رد: أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #16 في: 10 04, 2007, 12:54:21 »
--------------------------------------------------------------------------------
أغنية حب للكلمات - لنازك الملائكة
َفيمَ نخشَى الكلماتْ
وهي أحياناً أكُُفٌّ من ورودِ
بارداتِ العِطْرِ مرّتْ عذْبةً فوق خدودِ
وهي أحياناً كؤوسٌ من رحيقٍ مُنْعِشِ
رشَفَتْها، ذاتَ صيفٍ، شَفةٌ في عَطَشِ
* * *
فيم نخشى الكلماتْ ؟
إنّ منها كلماتٍ هي أجراسٌ خفيّهْ
رَجعُها يُعلِنُ من أعمارنا المنفعلاتْ
فترةً مسحورةَ الفجرِ سخيّهْ
قَطَرَتْ حسّا وحبّاً وحياةْ
فلماذا نحنُ نخشى الكلماتْ؟
* * *
نحنُ لُذْنا بالسكونِ
وصمتنا، لم نشأ أن تكشف السرَّ الشِّفاهُ
وحَسِبنا أنّ في الألفاظ غُولاً لا نراهُ
قابعاً تُخْبئُهُ الأحرُفُ عن سَمْع القرونِ
نحنُ كبّلنا الحروف الظامئهْ
لم نَدَعْها تفرشُ الليلَ لنا
مِسْنداً يقطُرُ موسيقَى وعِطْراً ومُنَى
وكؤوساً دافئهْ
* * *
فيم نخشى الكلماتْ؟
إنها بابُ هَوىً خلفيّةٌ ينْفُذُ منها
غَدُنا المُبهَمُ فلنرفعْ ستارَ الصمتِ عنها
إنها نافذةٌ ضوئيّةٌ منها يُطِلّ
ما كتمناهُ وغلّفناهُ في أعماقنا
مِن أمانينا ومن أشواقنا
فمتى يكتشفُ الصمتُ المملُّ
أنّنا عُدْنا نُحبّ الكلماتْ؟
* * *
ولماذا نحن نخشَى الكلماتْ ؟
الصديقات التي تأتي إلينا
من مَدَى أعماقنا دافئةَ الأحرُفِ ثَرّهْ ؟
إنها تَفجؤنا، في غَفْلةٍ من شفتينا
وتغنّينا فتنثالُ علينا ألفُ فكرهْ
من حياةٍ خِصْبة الآفاقِ نَضْرهْ
رَقَدَتْ فينا ولم تَدْرِ الحياةْ
وغداً تُلْقي بها بين يدينا
الصديقاتُ الحريصاتُ علينا، الكلماتْ
فلماذا لا نحبّ الكلماتْ؟
* * *
فيمَ نخشى الكلماتْ؟
إنّ منها كلماتٍ مُخْمليات العُذوبَهْ
قَبَسَتْ أحرفُها دِفْءَ المُنى من شَفَتين
إنّ منها أُخَراً جَذْلى طَروبهْ
عَبرَت ورديّةَ الأفراح سَكْرى المُقْلتين
كَلِماتٌ شاعريّاتٌ، طريّهْ
أقبلتْ تلمُسُ خَدّينا، حروفُ
نامَ في أصدائها لونٌ غنيّ وحفيفُ
وحماساتٌ وأشواقٌ خفيّهْ
* * *
فيمَ نخشى الكلماتْ؟
إن تكنْ أشواكها بالأمسِ يوماً جرَحتْنا
فلقد لفّتْ ذراعَيْها على أعناقنا
وأراقتْ عِطْرَها الحُلوَ على أشواقنا
إن تكن أحرفُها قد وَخَزَتْنا
وَلَوَتْ أعناقَها عنّا ولم تَعْطِفْ علينا
فلكم أبقت وعوداً في يَدَينا
وغداً تغمُرُنا عِطْراً وورداً وحياةْ
آهِ فاملأ كأسَتيْنا كلِماتْ
* * *
في غدٍ نبني لنا عُشّ رؤىً من كلماتْ
سامقاً يعترش اللبلابُ في أحرُفِهِ
سنُذيبُ الشِّعْرَ في زُخْرُفِهِ
وسنَرْوي زهرَهُ بالكلماتْ
وسنَبْني شُرْفةً للعطْرِ والوردِ الخجولِ
ولها أعمدةٌ من كلماتْ
وممرّاً بارداً يسْبَحُ في ظلٍّ ظليلِ
حَرَسَتْهُ الكلماتْ
* * *
عُمْرُنا نحنُ نذرناهُ صلاةْ
فلمن سوف نُصلِّيها ... لغير الكلماتْ ؟
(1954)
thx Eng:M.A
سجل
--------------------------------------------------------------------------------
<br />Dont worry! be always happy
دوموزي
عضو ذهبي
غير متصل
الجنس:
رسائل: 394
يتجاهلونك.ثم يضحكون عليك..ثم يحاربونك.. ثم تنتصر.
رد: أجمل قصائد نازك الملائكة
« رد #17 في: 03 17, 2008, 10:09:52 »
--------------------------------------------------------------------------------
نازك الملائكة................. صلاة الأشباح
-----------------------------------
تململت الساعةُ الباردهْ
على البرج, في الظلمة الخامدهْ
ومدّتْ يدا من نُحاسْ
يدًا كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ
يدَ الرَّجل المنتصبْ
على ساعة البرج, في صمته السرمديّ
يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ
وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ
على القلعة الراقدهْ
على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت
تظَلّ تحدَّقُ, ينطقُ فيها السكوتْ
وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب:
"صلاةٌ, صلاهْ!"
**
ودبّتْ حياهْ
هناكَ على البُرْج, في الحَرَس المُتْعَبينْ
فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ
ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ
ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ
وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ
تُشير: "صلاةٌ, صلاهْ!"
فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ,
صدى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ
يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ
فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ
هزيلٌ شَحِبْ,
يَجُرّ رَمَادَ السنينْ,
يكاد الدُّجى ينتحبْ
على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ
**
وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ
يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ, لا يُدْركونْ
لماذا يسيرونَ? ماذا عسى أن يكونْ?
تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ
أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ
وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب
وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ,
نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ,
نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ
وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ
على البرج كالعنكبوتْ
يدٌ من نحاسْ
يحرّكها في احتراسْ
فترسل صيحَتها في الدياجي
"صلاةٌ, صلاهْ"
**
وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ
رأى حارس شَبَحَيْن
يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن?
تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ
وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ
ولكنّ عينيهما في انطفاءْ
ولفظُ "صلاة صلاهْ"
يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ
**
"ألستَ ترى"
"خُذْهما!"
ثم ساد السكون العميق
ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق
**
وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير
وحيثُ الغموضُ المُثيرْ
وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ
يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ
ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ
على البرج مستغْرَقًا في سكوتْ,
فيرتفعُ الصوت ضخْمًا, عميق الصدى, كالزمان
ويرتجفُ الشَّبَحانْ
**
"من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ"
"ومن ظُلُمات البيوت"
"من الشُرَف الماردهْ"
"من البرجِ, حيثُ يدُ العنبكوتْ"
"تُشيرُ لنا في سكوتْ"
"من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ"
"أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ"
"أتيناكَ, نحن عبيدَ الزمانْ"
"وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ"
"أتينا نَجُرّ الهوانْ"
"ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ"
"ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ"
"وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ"
"أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ"
"أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ"
"على أعينِ المُذْنبينْ"
"على أعينِ الهاربينْ"
"إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ"
"من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ. يا من نراهْ"
"صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ"
"يحدّق, عيناه لا تغفوان"
"وكفَّاه مَطْويّتانْ"
"على ألفِ سرٍّ. أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ"
"على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ"
"نُناديهِ, دونَ دموعْ,"
"ونصرخ: آهْ!"
"تعِبْنا فدعْنا ننامْ"
"فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا: "صلاهْ!"
"إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ,"
"ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ"
"على كل باب بأيديهم الباليه"
"وقد أكلتْها القُرونْ"
"ولم تُبْق منها سوى كومة من عظامْ"
"تعبنا... فدعنا ننامْ.."
"ننامُ, وننسى يد الرجل العنكبوتْ"
"على ساحة البرج. تنثُرُ فوق البيوتْ"
"تعاويذَ لعنتها الحاقدهْ"
"حنانك بوذا, على الأعينِ الساهدهْ"
"ودعها أخيرًا تموتْ"
**
وفي المعبد البرهمي الكبيرْ
تحرّكَ بوذا المثيرْ
ومدّ ذراعيه للشبحَيْنْ
يُبارك رأسيْهما المُتْعَبيْنْ
ويصرخُ بالحَرَس الأشقياءْ
وبالرَّجُلِ المنتصبْ
على البرْج في كبرياءْ,
"أعيدوهما!"
ثم لفَّ السكونُ المكانْ
ولم يبقَ إلا المساءْ,
وبوذا, ووجه الزمانْ
الغروب
-----------------------------------
هبط الليل وما زال مكاني
عند شطّ النهر , في الصمت العميق
شردت روحي,وغابت عن عياني
صور الحاضر والماضي السحيق
وامحي في خاطري ذكر الزمان
وتلاشت ذكر الدهر المحيق
ليس إلا الحزن يمشي في كياني
وأنا في ظلمة الليل الصديق
غرق الضوء وراء الأفق
وخلا العالم من لون الضياء
ليس إلا رمق من الشفق
حائل قد كان يمحوه الفناء
وأنا تمثال حزن محرق
وشقاء مطبق فوق شقاء
أرمق الأفق