حبيبتي ومعشوقتي . .
أحبك كما لم أحب أحدا من قبل . .
فغيابك عني جعل حياتي جحيما لايطاق . .
وجعل أشعة الشمس الدافئة قد صارت ك (أشعة الموت) التي تسلبني روحي وحياتي ببطء شديد . .
شديد للغاية . .
جلست أمام تلفازي شاردا ساهما أتابع بعيون خاوية نبأ (إختفاء صاروخ) جديد في الفضاء لأسباب مازالت مجهولة . . فقد كان عقلي مشغولا بإستدعاء ذكريات حياتنا معا فهي الآن سلواي وملاذي الأخير . .
لم أنشغل حتي بمتابعة نبأ الإنتهاء من بناء مدينة تحت الماء أو (مدينة الأعماق) كما أطلق عليها مالكوها وإمكانية حجز غرف فيها بإسعار رمزية كهدية بمناسبة الإفتتاح . .
كنت أمر يوميا بذلك الطريق الهاديء والذي دعوته بعد رحيلك ب (طريق الأشباح) والذي شهد يوما ما ميلاد قصة حبنا الطاهر النبيل . . وأجلس بجوار تمثال (الفارس المجهول) الشهير لعلي أتذكر صوت خطواتك الرقيقة وضحكاتك البريئة . .
آه يالها من ذكريات حميلة . .
وكان يخيل إلي ليلا تحت (السماء المظلمة) أنني أسمع (نداء النجوم) البعيدة وهي تصرخ مطالبة بعودتك وعودة تلك النظرات الحانية الحالمة التي كنتي ترمقينها بها . .
وكانت (أطياف الماضي) تزورني بين الفينة والأخري حاملة معها ذكريات لقائنا الأول . .
وحديثنا الأول والذي كان حول (مثلث الغموض) و (منطقة الضياع) مثلث برمودا . . وقتها ذكرتي لي بأنك من عشاق عالم ماوراء الطبيعة وما (وراء العقل) وكل ماله علاقة بعلم الفلك والتاريخ (عبر العصور) القديمة والجديدة والباراسايكولوجي . .
وقد كانت معرفتي وعشقي أيضا لهذه العلوم ، أرضية مشتركة بيننا كانت سببا في تعرفي عليك وتقربي منك . .
وأخيرا عشقي وهيامي بك حتي النخاع . .
ثم ساقنا الحديث عن وباء الجمرة الخبيثة أو (الوباء الجهنمي) كما أطلق عليه وقتها . . فوجدتك إنسانة علي درجة عالية من الثقافة والإضطلاع في شتي المجالات . .
كذلك جرفنا الحديث نحو الحضارات القديمة خصوصا الفراعنة و (صحوة الشر) التي تظهر عند فتح وتدنيس قبورهم فيما يعرف لدي الجميع بإسم لعنة الفراعنة . . وقتها قلتي بأنك لاتؤمنين بهذه اللعنة وأنها مجرد خزعبلات ولابد من وجود تفسير علمي منطقي لها . .
ثم تحدثنا عن (لعنة الفضاء) التي أصابت الدول الكبري ومحاولة السيطرة علي الفضاء والكواكب والفوز بلقب (سادة الكون) بلا منازع . .
فزاد إعجابي بشخصيتك أكثر فأكثر . .
كما تطرقنا لعالم الأفلام . . فذكرتي بأنك تعشقين أفلام (الرعب) وإن كانت (علامات الخوف) ترتسم علي ملامحك بوضوح خصوصا في أفلام مصاصي الدماء والمذؤوبين . . كما ذكرتي أيضا بأنك من عشاق أفلام الخيال العلمي وغزو المخلوقات القادمة (من وراء النجوم) وأفلام مثل : (معركة الكواكب) وسلسلة حرب النجوم الشهيرة و (غزو الأرض) و (لهيب الكواكب) و (نيران الكون) و (المقاتل الأخير) . .
كما أخبرتيني بأنك لا تحبذين أفلام الأبطال (الخارقون) أمثال سوبرمان وباتمان و زورو وغيرهم لأنك تعتبرينهم إستخفافا بعقول المشاهدين وتمني الكمال وماهو مستحيل !! . .
وكان حديثك بحماس عن أدهم صبري باعتباره (الاسطورة) الخالدة التي لن تموت . . كان سببا في عشقي أنا الآخر لسلسلة رجل المستحيل . .
أتذكر حين قرأنا عن تلكم الأمطار الغزيرة جدا والتي كانت سببا في مقتل آلاف الأبرياء . . وقتها وصفتيها ب (أمطار الموت) والدمار . .
أو تذكرين ذلك البرنامج التوثيقي الذي وصف الألمان بأنهم (سادة الأعماق) بلا منازع في الحرب العالمية الثانية وذلك لامتلاكهم لأقوي ترسانة حربية من الغواصات المتطورة والطوربيدات الدقيقة والقوية . . وقتها قلبتي شفتيك في إمتعاض وأشحتي بوجهك في استياء فقد كنتي من أشد أعداء الحروب والقتل والدمار . .
ثم تناولنا (الإحتلال) الإسرائيلي لفلسطين الحبيبة . . فذرفت عيناك الدموع وانتي تتحدثين عن الشهداء والمجازر التي ترتكب في حق المواطنين والأطفال الأبرياء . . وإتفقنا أنه لابد من (المقاومة) ضد العدو الإسرائيلي . . وحتمية (الصراع) وإستخدام (العقل) و (القوة) و (التحدي) حتي بلوغ (نقطة الصفر) وانفجار (البركان) الغاضب لتحقيق (النصر) عليه وإسترداد القدس السليبة . .
ثم كان إمتعاضك من أمريكا (رمز القوة) في زمننا هذا ووصفك لها بحامية (الفيروس) الصهيوني المستشري في قلب الشرق الأوسط والوطن العربي . .
أتذكرين قيامنا معا بتلك (الرحلة الرهيبة) في جبال التبت من أجل البحث عن رجل الثلج المزعوم . . ثم إعجابك بتلك (الدوامة) الهائلة والتي ظهرت فجأة في قلب المحيط . .
هل تذكرين ذلك المنظر (الساحر) الخلاب ونحن نحلق فوق بقايا حضارة شعب المايا وغابات الأمازون الكثيفة . . وكانت سعادتك هائلة لاتوصف ومنبعثة (الأعماق) . .
من أعماق روحك النقية الطاهرة . .
وحين فقدتي طائرك العزيز علي قلبك (بلا أثر) ورأيت دموعك . . وقتها شعرت بقلبي يتمزق من أجلك وعزمت علي البحث عنه حتي وإن كلفني ذلك أغلي ما أملك . .
لا زلت أتذكر حينما أخبرتيني بأنك تخافين من المستقبل (المجهول) وتتمنين حياة مستقرة و (عالم جديد) هانيء مسالم بلا حروب أو كوارث . . كما أنك تخافين أيضا من (أنياب) (الثعابين) وجلودها ناعمة الملمس . .
لازلت أتذكر تلك (العاصفة) الهوجاء التي ضربتنا في منتصف البحر ونحن داخل تلكم السفينة الفاخرة . . وكنتي ترتجفين من شدة الخوف والرعب وتلتصقين بي طالبة الأمن والحماية ، وقتها كنت علي استعداد لفعل أي شيء من شأنه إعادة الطمأنينة لك من جديد . .
ثم بعدها جلسنا نتسامر ونتناول غموض (المخ) البشري وكيف أن العلم الحديث بكل تطوره لم يستطع بعد سبر أغواره ووظائفه كلها . .
آه يا زوجتي الحبيبة لو تعلمين كم إفتقدتك بعد أن رحلتي عن دنيانا الفانية ولازلت علي وعدني بأنني لن أعشق بعدك أنثي قط . . وستظلين ملكة قلبي المتوجه حتي آخر نفس يتردد في صدري وحتي ألقاك هناك في جنة الخلد بإذن الله . .
قالها وهو يتنهد بحرارة ناظرا بعيون محمرة من شدة البكاء لصورة زوجته المعلقة علي الجدار . .
فقد كان اليوم موافقا للذكري الخامسة والعشرين من رحيلها . .
تمت بحمد الله وفضله . .
ملحوظة : كل ماهو بين قوسين ( ) يمثل إسم عدد من أعداد سلسلة ملف المستقبل لمؤلفها العبقري د. نبيل فاروق . .