وجد نفسه في زقاق مظلم هكذا فجأة و دون مقدمات . .
أخذ عقله الباطن يسترجع عشرات القصص القديمة عن جرائم قتل بشعة كان الضحية في معظمها يمشي في زقاق مظلم وقد تربص له القاتل مستترا بالظلام الدامس . .
ربما بدافع سرقة أو انتقام . .
أو لإشباع نفس مريضة معقدة سادية متعطشة للدماء أحيانا . .
لكن كانت النهاية المعتادة -دائما- إما بطعنة نجلاء أو بذبح من الوريد إلي الوريد . .
لذا بدا له صوت نقيق ضفدع بعيد كزمجرة ذئب جائع يستعد للانقضاض عليه بوحشية والتهامه بلا رحمة أو شفقة . .
فجأة أحس بشيء ما يتحرك نحوه من الخلف . .
فخفق قلبه بعنف والعرق يتصبب منه بغزارة وقد بدأ يشعر برغبة عارمة في الهرب من هذا المكان الكئيب بكل ما أوتي من قوة . .
لكنه أحس بتنميل شديد في أطرافه وقد تيبست قدماه علي الأرض فلم يعد يستطع الحراك . .
أحس بأن ذلك الشيء يقترب منه ببطء وثقة . .
فتصاعدت أنفاسه بوتيرة متسارعة وصار يلهث بقوة وقد شعر بضباب كثيف يحجب رؤيته ونقاط سوداء وحمراء تتقافز بحركات عشوائية سريعة أمام عينيه . .
حاول ازدراد لعابه وترطيب حلقه لكن باءت كل محاولاته بالفشل الذريع . . فقد كان حلقه جافا كصحراء قاحلة لم تر مطرا منذ زمن سحيق . .
أخذت ذكرياته تمر أمام عينيه بأسلوب العرض البطيء كشريط سينمائي ثلاثي الأبعاد عالي الجودة . .
لحظات سعادة . .
ولحظات شقاء . .
لحظات أمل . .
ولحظات يأس . .
لحظات نجاح . .
ولحظات فشل . .
وكما برزت ذكرياته فجأة . . اختفت كأن لم تكن و حل محلها واقعه المؤلم . .
ازداد طنين أذنيه بشكل مزعج . .
وشعور بعدم الاتزان وبرغبة عارمة بإفراغ محتويات معدته يغمر كيانه كله . .
وأخيرا استطاع بعد جهد خرافي أن يتحرك عدة خطوات للأمام . .
لكن ذلك الشيء كان بكل تأكيد الأسرع . . فقد تسارعت خطواته والمسافة بينهما تقل باضطراد . .
صوت أشبه باللهاث والزمجرة غمر الزقاق وساعد هدوء المكان في إعطائه أثرا مضاعفا . .
فحاول هو أن يبذل مجهودا أكبر حتي يستطيع الفرار من هذا الشيء . .
فجأة شعر بذلك الشيء يقفز عاليا في الهواء متجها نحوه . .
عينان لامعتان في الهواء تحدقان فيه بشراسة ووحشية . .
شهق بعنف وقد أدرك أن مصيره الأسود صار بين فكي ذلك الشيء الطائر . .
وأخيرا هبط ذلك الشيء و جثم فوق صدره وأنيابه الحادة تتحفز لالتهام حنجرته . .
لقد كان غريمه ذئبا ضالا جائعا . .
و هاهو الآن يهبط بأنيابه في قوة قاصدا عنقه . .
و . .
واستيقظ من ذلك الكابوس الرهيب وهو يلهث بقوة والعرق يتصبب منه بغزارة . .
شعر بسعادة بالغة وهو يحمد الله علي نجاته . .
لكن مهلا . .
لماذا أظلمت الدنيا هكذا فجأة . .
تطلع حوله في سرعة وعيناه تتسعان برعب شديد . .
إنه فعلا يمشي في زقاق مظلم . .
إذا لم يكن هذا بكابوس . .
وبدأ يفهم ما حدث . .
لقد فقد وعيه من شدة الخوف أثناء سيره . .
أصاخ سمعه للحظات ثم ارتجف جسده من قمة رأسه وحتي أخمص قدميه . .
فعلا هنالك شيء ما يتحرك نحوه من الخلف . .
وهذا الشيء كان يسير ببطء وثقة . .
حاول الهرب من هذا المكان بكل ما أوتي من قوة . .
لكنه شعر بتنميل شديد في أطرافه وقد تيبست قدماه علي الأرض فلم يعد يستطع الحراك . .
ما هذا . .
يبدو أن كابوسه سيتحقق بالفعل . .
فتصاعدت أنفاسه بوتيرة متسارعة وقد شعر بضباب كثيف ونقاط سوداء وحمراء تتقافز بحركات عشوائية سريعة أمام عينيه . .
حاول ازدراد لعابه وترطيب حلقه لكن باءت كل محاولاته بالفشل الذريع . . فقد كان حلقه جافا كصحراء قاحلة لم تر مطرا منذ زمن سحيق . .
اقترب ذلك الشيء منه بسرعة . .
فازدادت دقات قلبه بشكل رهيب وشعر بألم فظيع في صدره كأنما طعن بسكين حاد أو كأن فيلا ثقيلا يجثم فوق صدره . . واضطربت أنفاسه وفقدت انتظامها . .
أخذت المسافة بينهما تتناقص . .
فشعر بذلك الألم يتزايد . . ويتزايد . .
لم يعد باستطاعته الوقوف فسقط أرضا . .
رأي عينان لامعتان تحدقان فيه وتتفحصانه باهتمام . . لابد أنهما بكل تأكيد عينا ذلك الذئب الضال الجائع . .
فشعر بأن الألم يتزايد أكثر فأكثر . .
وأحس بالحياة تنسحب من جسده تدريجيا . .
أطلق شهقات قوية متتالية . .
ثم همد جسده تماما . .
وكان آخر شيء سمعه صوت مواء مذعور . .
إذن فقد كان غريمه قطا ضالا جائعا . .
أدرك هذا ولكن بعد فوات الأوان . .
تمت بحمد الله . .
27/5/2013