منتدي بستان المعارف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدي بستان المعارف

منتدي بستان المعارف منتدي يشتمل علي شتي صنوف العلم والأدب والمعرفة ...
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
» انظر ما أبكى الرسول لعلك تتوب
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 10, 2014 4:37 pm من طرف مدير المنتدي

» الغــــــــول .. بقلمي
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 07, 2014 3:15 pm من طرف د. عروة

» روايـة الموت فى قطرة .. رجل المستحيـل .. بقلم د. نبيـل فاروق
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالسبت يوليو 12, 2014 6:18 pm من طرف مدير المنتدي

» سلسلة ماوراء الطبيعة (كــاملة).. د. أحمد خالد توفيق
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين فبراير 24, 2014 7:10 pm من طرف مدير المنتدي

» أسطورة الأســــــــــــاطير ج1 ..روايات ما وراء الطبيعة .. العدد الأخير (80)
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين فبراير 24, 2014 6:58 pm من طرف مدير المنتدي

» حلقات مسلسل النمر المقنع ..
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالأربعاء يوليو 17, 2013 10:03 pm من طرف مدير المنتدي

» عطش الفريق ---------------- بقلمي عبدالقادر الصديق
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالخميس يونيو 27, 2013 4:44 pm من طرف gidro87

» نتيجة إمتحانات الشهادة السودانية 2013 . .
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالسبت يونيو 22, 2013 11:15 pm من طرف مدير المنتدي

» زوزانكـــا .. بقلم د. أحمد خالد توفيق
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين يونيو 10, 2013 5:03 pm من طرف مدير المنتدي

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
مدير المنتدي
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
د. عروة
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
amna alamin
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
Mussab
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
آلاء
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
shahir
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
ياسر almak
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
gidro87
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
Dr.S
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
بشير الطيب
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_rcapالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_voting_barالهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_vote_lcap 
Google Search
زوار المنتدى

.: عدد زوار المنتدى :.


 

 الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين أبريل 15, 2013 8:20 pm

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق 4078427005
ارتفعت أبواق سيارات الشرطة، وهي تندفع من كل الاتجاهات، نحو ذلك المبنى الكبير، الذي يتوسط ساحة واسعة، في قلب القاهرة، حيث اشتعلت النيران في طابقه العلوي، الخامس والستين، إثر إنفجار قوي، رجَّ ذلك الجزء من العاصمة المصرية، قبل هذا بعشر دقائق فحسب..
وما أن توقفت سيارات الشرطة، حول ذلك المبنى، لتنضم إلى سيارات الإطفاء، التي يحاول رجالها إيجاد وسيلة مناسبة لبلوغ ذلك الطابق المرتفع، حتى خرج من إحداها المفتش رياض، الذي بدا غاضبا، وهو يقول لمساعده الرائد علي:
- لقد فعلها مرة ثانية.
تطلَّع علي إلى سماء المنطقة، بحثا عن طائرات الهليوكوبتر، التابعة لإدارة الإطفاء، وهو يقول في توتر:
- لست أدري كيف يسبقنا بخطوة في كل مرة! إنه يتحدانا على نحو سافر.
بدا رياض عصبيا، وهو يقول:
- إنه أكثر مكرا وخبثا من كل توقعاتنا.. لقد وضع أمامنا كل الأدلة التي تشير إلى أن ضربته التالية ستكون في مبنى البث التليفزيوني، وبعد أن قمنا بكل احتياطاتنا هناك، ضرب ضربته هنا.
غمغم علي بنفس توتره:
- ولكن لماذا؟! هذا المبنى يحوي مجموعة مكاتب لشركات خاصة، و...
قاطعه رياض، في حزم عصبي:
- غير صحيح.
التفت إليه علي في دهشة، فتابع بنفس الحزم العصبي:
- ذلك الطابق الذي فجَّره، يحوي مكاتب تابعة للأمن الجنائي العام.
هتف علي بكل دهشته:
- ولكن..
قاطعه رياض مرة أخرى، في عصبية أكثر:
- ليس من المفترض أن يعرف أحد هذا... حتى رجال الأمن العاديون.. ولست أدري في الواقع كيف توصل هو إلى هذا؟!
هزَّ علي رأسه، مواصلا دهشته، ثم غمغم في توتر شديد:
- ما زال السؤال هو: لماذا؟! حتى ولو توصل إلى هذا، فلماذا يسعى إلى تفجير المكان؟! ما الذي يبتغيه من هذا؟!
وصلت طائرات هليوكوبتر الإطفاء في هذه اللحظة، وتعالى هديرها، وهي تصب مسحوق إطفاء الحريق على الطابق العلوي المشتعل، مما اضطر رياض إلى أن يرفع صوته، وهو يجيب هاتفا:
- هنا تتجمع كل الملفات الرقمية، لإدارة الأمن الجنائي العام، ومن الواضح أنه يسعى إلى محو كل الملفات وتدميرها؛ حتى يختفي ملفه بينها، فنفقد كل ما لدينا عنه.
كان يكمل هتافه، عندما اندفع نحوه أحد رجال الأمن، قائلا في انفعال:
- سيادة المفتش.. لا بد وأن ترى هذا.
وضع أمام عينيه لوحا رقميا، ينقل ما تلتقطه آلات المراقبة، من داخل المبنى، الخالي تماما من العاملين، في يوم الإجازة، ثم مس إحدى الشاشات الفرعية، فتعاظمت صورتها؛ لتملأ اللوح كله دفعة واحدة...
وانعقد حاجبا رياض في شدة..
فاللوح الرقمي، كان ينقل صورة لرجل وسيم الملامح، ممشوق القوام، يرتدي زيا لامعا، من مادة مضادة للنيران، ويتحرك في خفة، داخل الطابق المشتعل...
وقبل أن ينبس رياض ببنت شفة، على الرغم من أن شفتيه قد انفرجتا بالفعل، هتف الرائد علي في انفعال:
- إنه هو.
انتفض جسد المفتش رياض، على الرغم منه، وهتف بكل رجاله:
- الجاني ما زال داخل المبنى.. حاصروا المكان.. لا تتركوا له ثغرة واحدة للفرار.
غمغم علي بنفس الانفعال:
- أخيرا.. وقع في إيدينا.
انعقد حاجبا رياض مرة أخرى، وهو يقول في صرامة عصبية:
- ليس بعد.
هتف علي معترضا:
- ولكننا..
عاد رياض يقاطعه، وكأنه أمر اعتاده:
- لقد حاصرناه مرتين من قبل.
وتزايدت عصبيته، وهو يضيف:
- وأفلت.
هتف علي مرة أخرى:
- كيف يمكن أن يفلت من مكان كهذا؟!
صاح به رياض، وهو يعمل على توزيع رجاله حول المبنى:
- سيجد وسيلة.
ثم التفت إلى مساعده، وبدا مشتعلا بالعصبية والغضب، وهو يضيف:
- إنه ثعلب.
هزَّ علي رأسه غير مقتنع، وهو يعاود النظر إلى اللوح الرقمي، مغمغما:
- أية وسيلة؟! إنه محاصر من كل الاتجاهات، والمبنى تحيط به ساحة واسعة خالية، و...
بتر عبارته فجأة، وهو يحدق في شاشة اللوح الرقمي، هاتفا بكل دهشته:
- رباه!! ماذا يفعل؟!
اندفع رياض عائدا إليه، وألقى نظرة على اللوح، الذي بدا على شاشته ذلك الرجل، وهو يندفع مخترقا المكتب، الذي خبت فيه النيران بعض الشيء، وهتف وهو يرفع عينيه إلى أعلى في ذعر:
- الهليوكوبتر.
في نفس اللحظة التي نطقها، اخترق ذلك الرجل زجاج نافذة، من نوافذ الطابق الخامس والستين، وسبح في الهواء لحظة، قبل أن يتعلَّق بواحدة من طائرات هليوكوبتر الإطفاء، ثم يطوِّح جسده المرن في رشاقة مدهشة، ليثب داخل كابينة قيادتها في خفة مذهلة..
وعضَّ المفتش رياض شفته السفلى في غضب هادر..
لم يكن يستطيع، من موقعه هذا، أن يرصد ما يحدث، داخل كابينة الهليوكوبتر، إلا أنه كان يعرف قدرات خصمه جيدا، مما جعله يرسم في خياله صورة لما يحدث هناك..
الرجل سيهاجم قائد الهليوكوبتر، ورجل الإطفاء المصاحب له، وسرعان ما يفقدهما الوعي، بلكماته القوية الشهيرة، ويسيطر على الهليوكوبتر، و..
ويبتعد..
وهذا ما كان...
وبينما يراقب الهليوكوبتر تنطلق هتف علي في انفعال شديد:
- مستحيل!! إنه يقودها في مهارة شديدة.. كيف لمجرم عادي أن يجيد هذا.. أين تلقى تدريباته هذه.
لم يشعر رياض بأنه قد أدمى شفته السفلى، من شدة عضه لها، وهو يجيب، في مزيج من الغضب والقهر والعصبية:
- في المخابرات العمومية المصرية.
التفت إليه علي غير مصدق ، وهو يهتف:
- في ماذا؟!
أشار رياض بسبَّابته إلى الهليوكوبتر، التي تكاد تختفي في الأفق، وهو يجيب في مقت، ودماء شفته السفلى تسيل على ذقنه:
- هذا الذي نصفه بأنه أخطر مجرمي القرن، كان ذات يوم رجل المخابرات العمومية رقم واحد.. لقد كانوا يلقبونه بلقب قاهر المستحيل.
سقطت فك علي السفلي، من فرط ذهوله، وارتفعت عيناه تراقبان الهليوكوبتر، وهي تبتعد..
وتبتعد..
حتى اختفت في الأفق...
تماما..
***
أكرم..
كان أكرم صدقي، رجل المخابرات المصرية، قد انتهى من جولته اليومية، في الركض حول المبنى الذي يقيم فيه، عندما فوجئ بزميله حسام ينتظره، عند مدخل المبنى، وملامحه تحمل ابتسامة كبيرة، فابتسم بدوره، وهو يجفف عرقه، هاتفا في ترحاب:
- حسام.. كيف حالك يا صديقي.. مضت فترة طويلة، منذ التقينا لأوَّل مرة.
اتسعت ابتسامة حسام، وهو يقول:
- أتريد أن تقول: إنك قد اشتقت إليّ؟!
ربت أكرم على كتفه، وهو يقول في مرح:
- ألديك شك في هذا؟!
جذبه من ذراعه في رفق، ليصطحبه إلى حيث يقيم، وحسام يقول:
- هل تريد جوابا صريحا؟!
ضحك أكرم، قائلا:
- بل أفضِّل جوابا مجاملا.
ضحك حسام بدوره، وهو يشير بيده:
- هذا يتوقف على سرعة إعداد كوب من الشاي الأخضر الجيد.
أشار له أكرم بيده، هاتفا:
- ابدأ في إعداده إذن، حتى أنتهي من حمامي، ثم أنضم إليك؛ لنتناوله سويا في الشرفة.
لم تمض دقائق خمس، حتى جمعتهما الشرفة معا، في جلسة ودية هادئة، بدأ حسام الحديث فيها، قائلا:
- ألم تشعر بالاشتياق للعودة إلى العمل بعد؟!
هزَّ أكرم رأسه نفيا، وارتشف رشفات من الشاي في استمتاع، قبل أن يجيب في هدوء:
- ليس بعد.. العملية الأخيرة في موسكو كانت مرهقة للغاية، وسيادة الوزير منحني بعدها إجازة استجمام لمدة شهر، أنوي الاستمتاع بكل ساعة منه.
ثم اعتدل، يسأله في اهتمام:
- ولا تقل لي إنه هناك عملية جديدة.
هزَّ حسام كتفيه، مجيبا:
- أنت تعلم مثلي، أن عملياتنا لا تتوقف لحظة واحدة.
ثم أشار بيده، مستطردا:
- ولكنني أخبرتك أنها زيارة ودية تماما.
عاد أكرم يتراجع في مقعده، وهو يقول في ارتياح:
- وهذا يسعدني.
سأله حسام في اهتمام:
- ولكنك تقضي إجازتك في منزلك، فلماذا لا تسافر إلى مكان آخر، يمكنك أن تحصل فيه على متعة أكثر.
ضحك أكرم، قائلا:
- قد يدهشك أن تعلم أنني أشتاق إلى منزلي كثيرا، فعملي يضطرني إلى الابتعاد عنه معظم الوقت، و..
قبل أن يتم عبارته، ارتفع رنين جرس الباب، فالتفت إليه الاثنان في دهشة، وتساءل حسام في حذر:
- هل تنتظر أحدا؟!
أجابه أكرم في حزم، وهو ينهض من مقعده:
- كلا.
التقط مسدسه، من بين كومة من الصحف، ودسَّه في حزامه من الخلف، وهو يتجه نحو الباب، وفتحه في حركة سريعة، ثم التقى حاجباه، وهو يتطلَّع إلى الرجل الذي تراجع في ارتباك، مع فتح الباب بهذه السرعة، ثم تنحنح، وتطلَّع إلى وجه أكرم في عصبية، قبل أن يتساءل في توتر:
- السيد أكرم صدقي.. أليس كذلك؟!
أدار أكرم يده خلف ظهره، وأمسك مقبض مسدسه في تحفز، وهو يسأله:
- من أتشرَّف بمواجهته؟!
تنحنح الرجل مرة أخرى، قبل أن يجيب:
- المفتش رياض سالم، من الأمن الجنائي العام المصري.
ظهر حسام من خلف أكرم، وهو يقول في صرامة:
- ليس لدينا ما يُعرف باسم الأمن الجنائي العام في مصر.
مرة ثالثة، تنحنح المفتش رياض في توتر، مجيبا:
- ربما ليس هنا، ولكنه جهاز قوي معروف، في العالم الذي أتيت منه.
تراجع حسام في دهشة بالغة، وتساءل أكرم في حذر، وهو يقبض على مقبض مسدسه، في قوة أكبر:
- العالم يا سيد أكرم.. العالم الذي أتيت منه، والذي يلجأ إليك كأمل أخير؛ لاصطياد هدف، رأى خبراؤنا أنه لن يظفر به سواك.
التقى حاجبا أكرم في شدة، وهو يتساءل:
- أي هدف هذا؟!
ازدرد المفتش رياض لعابه في صعوبة، قبل أن يجيب، في صوت متحشرج:
- أنت.
وكانت مفاجأة..
هائلة.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين أبريل 15, 2013 8:31 pm

(2) :
قبل المضي في الأحداث، لا بد لنا من العودة إلي الوراء قليلا؛ حتى تستقيم الأمور..
وبالتحديد إلي تلك اللحظة، التي مثل فيها المفتش رياض، أمام رئيسه المباشر، بعد نجاح من أطلقوا عليه اسم مجرم القرن في الفرار من ذلك المبنى الشاهق، عقب تفجيره مكتب معلومات الأمن الجنائي العام..
اسمه أكرم صدقي..
قالها المفتش رياض في توتر واضح، وهو يشير بيده، قبل أن يتابع في حنق ملحوظ:
- كان رجل مخابرات عمومية سابق، قبل أن ينحرف به المسار، إلي ذلك الاتجاه الإجرامي.. وكما كان رجل مخابرات فذ، لا يشق له غبار، تحوَّل أيضا إلي مجرم فذ، لا سبيل لمواجهته.
قال رئيسه في صرامة:
- لست أؤمن إطلاقا بكلمة لا سبيل هذه.. إنه -ومهما بلغت قدراته- مجَّرد رجل واحد، في مواجهة دولة، بكل نظمها وأجهزتها الأمنية.
هزَّ رياض رأسه، قائلا في توتر:
- لهذا كانوا يطلقون عليه لقب قاهر المستحيل؛ فهي ليست أوَّل مرة يواجه فيها أنظمة أمنية كاملة، وينتصر عليها كلها.. رفاقه ما زالوا يذكرون كيف هزم وحده مخابرات الولايات المتحدة السوفيتية، ولا انتصاراته المذهلة، علي نظم أمن الاتحاد الأمريكي.. حتى عندما واجه منظمة "مافيوزا"، كان بالنسبة إليهم شوكة كبيرة، لم ينجحوا قط في انتزاعها.
بدا رئيسه غاضبا، وهو يقول:
- وكأني بك تحدثني عن واحد من أبطال الروايات الخيالية، أو من خارقي الروايات المصورَّة.. أفق يا رجل.. إنه رجل واحد.. مجرَّد رجل واحد.
زفر المفتش رياض في توتر، قائلا:
- رجل عجزت كل أجهزتنا عن الظفر به، لأكثر من عام كامل.
صاح رئيسه في حدة:
- لدينا قصور كبير إذن.. قصور ينبغي أن نبحث عنه، ونكشفه، ونسعى لمعالجته، وإلا فكيف سنواجه الشعب، ونحن عاجزون عن مواجهة رجل واحد؟!
هزَّ رياض كتفيه، دون أن يجيب، فتراجع رئيسه في مقعده، وسأله بكل صرامة:
- هل تريد أن تقول: إنك عاجز عن معالجة هذا الأمر، وعلينا أن نسند المهمة إلي آخر؟
بدا وكأن السؤال قد أصاب مفتش الشرطة بطعنة نجلاء في كرامته، فشد قامته، قائلا في صرامة مماثلة، بغض النظر عن فارق الرتب:
- دعني أذكَّرك يا سيدي، بأنني قد توليت هذه القضية، بعد فشل ثلاثة من الزملاء في الإيقاع به، وأنني الوحيد الذي نجح في كشف هويته حتى الآن.
لوَّح رئيسه بذراعيه، صائحا:
- وما الذي أسفر عنه هذا حتى الآن؟!
انعقد حاجبا رياض في ضيق، وشد قامته أكثر، وهو يقول:
- هل لي أن أقترح أمرا خارجا عن المألوف يا سيدي؟!
هتف رئيسه في حدة:
- لن يضيرنا هذا.. افعل.
أجابه رياض على الفور:
- وفقا لما قرأته، في ملف ذلك الرجل، قبل أن يمحوه تماما من قاعدة المعلومات، لن تنجح الوسائل التقليدية في التعامل معه، أو الإيقاع به أبدا.
قال المدير في عصبية:
- لم أسمع اقتراحك بعد.
واصل رياض، وكأن المدير لم يقاطعه:
- إننا نحتاج إلي وسيلة غير تقليدية.. وسيلة تتجاوز كل الأمور المألوفة.
ثم مال نحو رئيسه، مضيفا بكل الحزم:
- وسيلة تتجاوز حتى حدود العقل.
تطلّع إليه رئيسه بضع لحظات في دهشة مستنكرة، وكأنه يتطلّع إلي مجنون، قبل أن يغمغم بكل حيرته:
- هل يبدو لك أننا في فيلم من أفلام الخيال العلمي؟!
هزَّ رياض رأسه نفيا في بطء، وقال في حزم:
- بل نحن في عالم الواقع يا سيدي، ولكن في زمننا هذا، تطوّر العلم إلي درجة فاقت كل خيال.
صمت رئيسه بضع لحظات في دهشته، ثم مال نحوه، يسأله في شيء من العصبية:
- وما الذي يمكن أن يفعله العلم، الذي فاق كل خيال، في حالتنا هذه؟!
أجابه رياض، في سرعة واقتضاب:
- الكثير.
تراجع رئيسه، متطلعا إليه في دهشة، باعتبار أن الكلمة التي نطقها، لا تحمل أي جواب، فعاد رياض يشد قامته، وهو يتابع:
- سيادتك تعلم أن شقيقي الأكبر راضي، هو أحد أشهر علماء الفيزياء في هذا القرن، وأنه حاصل علي جائزة زويل، عن أبحاثه حول الأكوان الكتوازية، والتي أثبتت من خلالها أنه هناك عوالم موازية لنا، تحيا معنا، في نفس الزمان والمساحة، ولكننا لا نشعر بها، ولا تشعر بنا* (* نظرية علمية حقيقية، أثبتتها الأبحاث التجريبية)
غمغم رئيسه، بنفس العصبية:
- أذكر أنني قد قرأت شيئا عن هذا، ولكنني عجزت عن استيعابه.
أشار رياض بيده، قائلا، في شيء من الحماس:
- النظرية باختصار تقول إن عالمنا واحد من عدة عوالم أخرى، في كل منها يحيا نفس البشر، أي أنك ستجد هناك شبيها لك، وشبيه لي.. ولكن رياض الآخر قد لا يكون مفتشا للأمن هناك، بل قد يكون مجرما، وأنت قد..
قاطعه رئيسه في عصبية:
- فليكن.. أذكر هذا.. ولكن السؤال ما زال كما هو: كيف يمكن أن يفيدنا هذا.
شد رياض قامته أكثر، وهو يجيب بكل الحزم:
- الأفضل ألا تسمع هذا مني يا سيدي.
ثم عاد يميل نحو رئيسه، مردفا في قوة:
- بل من صاحب النظرية والاقتراح الأصلي.. من شقيقي راضي.. شخصيا.
وتضاعفت دهشة رئيسه..
ألف مرة..
***
لا يفل الحديد إلا الحديد..
نطق راضي العبارة في هدوء حازم، وهو يقف داخل معمله الفيزيائي الكبير، فهزَّ رئيس المفتش رياض رأسه في عصبية، قائلا:
- هل رباكما والدكما -رحمه الله- علي ترديد عبارات وحكم قديمة فحسب.
مطَّ رياض شفتيه، دون أن يجيب، في حين هزَّ راضي راسه نفيا، دون أن يتخلى عن هدوئه، وهو يقول:
- ما أريد قوله هو: إن خصمكم من طراز خاص جدا، ويمتلك كومة من المهارات والقدرات، تجعل الإيقاع به، بالوسائل النمطية، أمرا أشبه بالمستحيل.. ليس فقط بسبب قدراته، ولكن بسبب عبقريته وسعة حيلته، في وضع الخطط غير المعتادة، والإفلات من كل مأزق أو حصار، بوسائل ثعلبية غير متوَّقعة.
بدا رئيس رياض نافذ الصبر، وهو يقول:
- ما الذي تريد قوله بالضبط؟!
قادهما راضي إلي شاشة كبيرة، قائلا:
- شاهد هذا أوَّلا.
ضغط زرا صغيرا في الشاشة، عليها صورة أكرم صدقي، وهو يثب من طائرة بدون مظلة، خلف رجل يرتدي مظلة نجاة، ثم يشتبك معه وهما يهويان من حالق، بسرعة الجاذبية الأرضية* (* سرعة الجاذبية الأرضية: هي الطاقة التي تجذب بها الكرة الأرضية كل من عليها، وينص قانون الجاذبية على أن جميع الأجسام تجذب بعضها بعضا تجاذبا تبادليا، أما سرعة السقوط بسبب الجاذبية الأرضية، فهي 32 قدما في الثانية الواحدة 9,7536 مترا في الثانية)، قبل أن يفقده الوعي، ثم يفتح مظلته، وهو يتشبث به في قوة، ليهبطا معا بالمظلة إلي حقل أخضر واسع..
وبكل انفعاله، هتف رئيس رياض:
- إنه مجرم القرن.. كيف حصلت علي هذا الفيلم؟!
ابتسم راضي ابتسامة هادئة، وهو يقول:
- إنه ليس من تتصوَّره.
هتف الرئيس في انفعال:
- إنه هو.. أكرم صدقي.. كل رجل أمن هنا يحفظ ملامحه عن ظهر قلب.
تبادل راضي نظرة صامتة مع شقيقه الأصغر، قبل أن يقول، في زهو لم يستطع كبحه:
- إنه أكرم صدقي بالفعل، ولكن ليس هذا الذي تعرفه.
ثم مال عليه، مضيفا بابتسامة:
- هذا أكرم صدقي آخر، كل ما يربطه بالذي تعرفه، هو الاسم والملامح فحسب.. وربما البصمة الجينية أيضا.
حدَّق الرئيس في وجهه لحظات في استنكار، قبل أن يقول في حدة:
- ولكنه رجل آخر؟! أي عبث هذا؟!
أجابه راضي في سرعة، وبابتسامة أكبر:
- عبث علمي مائة في المائة يا رجل.. ما تراه هو حدث سجلته، عبر جهاز خاص، من عالم آخر..
ثم مال نحوه بشدة، مضيفا:
- عالم مواز.
حدَّق فيه رئيس رياض بمنتهى الدهشة، وعجز لسانه عن النطق، وراضي يعتدل، متابعا في اهتمام، وهو يشير إلي الشاشة:
- في ذلك العالم، ما زال أكرم صدقي يعمل في جهاز المخابرات، ولكنهم يطلقون عليه هناك اسم المخابرات العامة، وليس العمومية، كما نطلق عليها هنا.. بل هو يعد من أفضل رجالهم هناك.. ولقد تابعت بعض عملياته، علي شاشة جهازي هذا، ولست أبالغ لو قلت: إنه شخصية فذة، لم أر مثيلا لها في حياتي كلها من قبل، ولا حتى علي شاشات السينما.
انتزع رئيس رياض نفسه من ذهوله، وهو يقول في عصبية:
- لم أستوعب فكرتك بعد.
شدَّ رياض قامته مرة أخرى، وتنحنح في توتر، في حين أشار راضي إلي شاشة جهازه، وهو يجيب:
- وفقا لكل ما أخبرني وأطلعني عليه شقيقي الأصغر.. الشخص الوحيد، الذي يمكنه مواجهة أكرم صدقي، مجرم القرن عندنا، هو الشخص الذي يمتلك نفس مهاراته وقدراته، والوحيد الذي يمكنه فهم أساليب تفكيره بنسبة مائة في المائة.. لا يمكن اقتناص أكرم صدقي العالم الآخر.
قالها، فران علي معمله الكبير صمت عميق، استغرق ما يقرب من دقيقة كاملة، قبل أن يقاطعه رئيس رياض في عصبية:
- هل تتوَّقع الحصول علي جائزة زويل مرة أخرى، بهذه النظرية الخرقاء؟!
ارتفع حاجبا راضي في دهشة، وحملت ملامحه كل الاستنكار، الذي انتقل إلي صوته، وهو يهتف:
- خرقاء؟!
صاح رئيس رياض في حدة:
- لا يمكن أن توصف إلا بأنها كذلك.. إثبات وجود تلك العوالم المتتالية شيء، والمزج بينها شيء آخر.
هتف راضي معترضا:
- متوازية وليست متتالية.
لوَّح رئيس رياض بذراعه كلها، صائحا:
- أيا كانت.. إنها مجرَّد نظرية، وربما شاشة تنقل إلينا أحداث تدور في أحد تلك العوالم فحسب، ولكن الحديث عن التعاون بين العالمين، هو أمر أقرب إلى الخرافات.
بدا راضي محتدا، وهو يصيح فيه بدوره:
- كل ما كانوا يعتبرونه مجرَّد خرافات في الماضي، صار اليوم حقيقة علمية معروفة.. السفر عبر الزمن.. رداء الإخفاء.. تصغير البشر، و..
قاطعه رئيس رياض في حدة:
- وماذا؟! السفر عبر الأبعاد لم يصبح بعد حقيقة، حتى..
بتر عبارته، مع يد رياض التي أمسكت بكتفه، واستدار إليه بحركة حادة، فتنحنح رياض وكأن هذا يلازمه دوما، وقال في توتر:
- الواقع يا سيدي أنه قد صار كذلك بالفعل.
واتسعت عينا رئيسه عن آخرها بدهشة..
بكل الدهشة.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين أبريل 15, 2013 8:36 pm

(3) :
اتسعت عينا حسام، بكل الدهشة، في نفس الوقت الذي انعقد فيه حاجبا أكرم صدقي، وهو يحدق في وجه المفتش رياض، الذي تنحنح كعادته، وهو يقول:
- أنتما لا تصدقان ما أقوله.. أليس كذلك؟!
لم يحاول حسام التعليق، في حين سأل أكرم في حذر:
- هل كنت لتصدّقه، لو تبادلنا الأدوار؟!
هزَّ رياض رأسه في بطء، مجيبا في خفوت:
- مستحيل!
ثم استدرك في سرعة:
- ولكنه حقيقة.
مال أكرم نحوه، يقول في حزم:
- حقيقة تحتاج إلى برهان قوى.
صمت رياض، بضع لحظات، قبل أن يقول:
- لك كل الحق.
ثم أخرج شيئا من جيبه، وهو يضيف:
- ولقد توقع شقيقي راضي هذا؛ لذا فقد سمح لي بإحضار شيء من عالمي إلى عالمكم.
وضع لوحا صغيرا شفافا، أمام أكرم وحسام، مع استطرادته:
- فوفقا لمشاهداته، عالمنا يتفوَّق على عالمكم تكنولوجيا، بخمس سنوات من التطوَّر، ومع سرعة إيقاع التطوَّر التكنولوجي، سيصنع هذا فارقا تكنولوجيا ملحوظا.
تطلَّع حسام إلي ذلك اللوح في حذر، وحسام يتساءل:
- وماذا يفعل هذا الشيء بالضبط؟!
التقط أكرم ذلك اللوح، مع إجابة رياض:
- اختبره بنفسك.
رفع أكرم ذلك اللوح الشفاف أمام عينيه، ثم تراجع في دهشة..
فاللوح، مع شفافيته، كان ينبغي أن ينقل إليه صورة ما خلفه..
إلا أن هذا لم يحدث!!
لقد نقل إليه صورة مختلفة تماما..
صورة منزل آخر..
منزل يختلف..
يختلف في تقسيمه..
وأساسه..
وحتى ديكوراته..
وبكل دهشته، خفض أكرم اللوح من أمام عينيه، فعاد منزله للظهور في وضوح، ورياض يقول، في توتر لم يستطع إخفاءه:
- ما تراه عبر هذا اللوح، هو عالمي وليس عالمك؛ فهو بوسيلة ما، لا أستطيع حتى فهمها أو استيعابها، يخترق الحاجز بين عالمينا، مما يجعله أشبه بنافذة بين عالمين.
مال حسام يلتقط اللوح من أكرم، وهو يقول:
- ومن أدرانا أنها ليست خدعة تكنولوجية؟!
هزَّ رياض كتفيه، مغمغما في توتر:
- لست أدرى في الواقع كيف يمكنني إثبات هذا، فأنا رجل أمن في عالمي، وقع الاختيار علي، للعبور إلى عالمكم، وتقديم العرض للسيد أكرم صدقي، وكنت أعلم مسبقا أنني سأواجه بكل هذه الشكوك؛ لأنني في عالمي رجل أمن محترف، ولو جاء أحدهم، ليخبرني بأنه من عالم آخر، لأحطته بقيد من الشك والاستنكار أيضا.
رفع أكرم اللوح إلى عينيه مرة أخرى، ودار به فيما حوله في اهتمام، قبل أن يخفضه، وهو يقول في هدوء:
- من حسن حظكم أن إجازتي لم تنته بعد.
هتف حسام مستنكرا:
- هل يعني هذا أنك تنوي قبول العرض؟!
هزَّ أكرم كتفيه، وأجاب بنفس الهدوء:
- ولم لا؟! إنها تجربة جديدة، أجد في نفسي شغفا للقيام بها.
حدَّق فيه حسام مستنكرا، في حين بدا رياض شديد الترقب، والأوَّل يقول:
- ولكنك تعرف القواعد جيدا.. لا يمكنك التعاون مع أية جهات أخرى، دون الحصول على موافقة الجهاز.
أجابه أكرم بكل هدوء:
- أعرف القواعد جيدا يا عزيزى حسام.
ثم التفت إليه بابتسامة عجيبة، مضيفا:
- ولكن لا توجد قاعدة تتعلَّق بالتعاون مع عالم آخر.
تراجع حسام بنفس الدهشة المستنكرة، في حين تابع أكرم، وابتسامته تتسع:
- وتذكَّر أنك أنت من أقنعتني بقضاء إجازتي في مكان ما.
انعقد حاجبا حسام، وهو يقول في عصبية:
- هذا لأنك ستطلق على هذا اسم إجازة.
أما رياض، فهتف في لهفة:
- أيعني هذا أنك توافق على قبول عرضنا؟!
هزَّ أكرم كتفيه، وهو يجيب:
- ليس في كل مرة، يجد المرء نفسه في مواجهة نفسه.
غمغم حسام في توتر، وهو يشيح بوجهه:
- سأتظاهر بأنني لم أسمع هذا.
حاول رياض أن يبتسم، إلا أن شيئا في أعماقه جعله يقول في تردد:
- في هذه الحالة، هناك ما ينبغي أن أخبرك به يا سيد أكرم.
ابتسم أكرم، وهو يقول:
- أما زال هناك المزيد؟!
أومأ رياض برأسه إيجابا، قبل أن يقول بنفس التردد:
- في مواجهتك مع.. أكرم صدقي عالِمنا، لا بد وأن تعلم أنه من الضروري أن يتم حسم المواجهة خلال ثلاثة أيام فحسب.
التقى حاجبا أكرم، في حين التفت إليهما حسام مرة أخرى، متسائلا في توتر:
- ولماذا ثلاثة أيام بالتحديد؟!
هزَّ رياض كتفيه، وبدا تردده أكثر وضوحا، وهو يقول:
- الواقع أن تقنية الانتقال بين العالمين، لم تصل بعد إلى مرحلة الكمال.
سأله أكرم في اهتمام:
- وهذا يعني؟!
تردَّد لنصف دقيقة على الأقل، قبل أن يجيب:
- لو بقيت في عالمنا، أكثر من هذه المدة، ستضيع الفرصة في..
بتر عبارته في ارتباك، فسأله حسام بكل القلق:
- ستضيع الفرصة في ماذا؟!
ازدرد لعابه في صعوبة، وتنحنح مرتين، قبل أن يجيب:
- في أن يعود السيد أكرم إلى هنا.
وتنحنح مرة أخرى، قبل أن يتابع في صوت منخفض:
- وسيكون عليه أن يبقى في عالمنا.. إلى الأبد.
ألقى قنبلة، فران على المكان صمت رهيب مهيب..
فتلك المعلومة الأخيرة، كانت تقلب كل الأمور رأسا على عقب..
وبمنتهى القوة..
***
ارتفعت يد ضابط الأمن، في مدينة الأبحاث العلمية بتحية عسكرية قوية، وهو يواجه الرجل الواقف أمامه في احترام، قائلا:
- مرحبا بك في مدينة الأبحاث يا سيادة اللواء.. تقبَّل اعتذاري مقدما، ولكن لم تردني أية معلومات بشأن زيارتك لنا اليوم.
شدَّ اللواء قامته، وهو يقول في صرامة:
- أنا الذي أصدر تلك المعلومات والتعليمات أيها الضابط، وهأنا ذا أقف أمامك بشحمي ولحمي، فماذا تريد أكثر من هذا؟!
ارتبك الضابط، وهو يقول:
- ولكن جرت العادة يا سيادة اللواء على أن..
قاطعه اللواء بكل صرامة:
- أفسح الطريق.
تنحَّى الضابط جانبا، وهو يغمغم:
- هل يمكنك على الأقل أن توقع في دفتر الزائرين يا سيادة اللواء؟!
قال اللواء في استنكار:
- دفتر الزائرين؟!
ثم استدرك، مع امتقاع وجه الضابط:
- ولكن لا بأس على أية حال.. لن أكون أنا من يخرق تعليمات الأمن.
وانعقد حاجباه الكثين في صرامة، وهو يضيف:
- التي وضعتها بنفسي.
ناوله الضابط دفتر الزائرين بيد مرتجفة، وهو يغمغم:
- رجال الأمن هم أوَّل من ينبغي أن يلتزموا بقواعد وتعليمات الأمن.. هكذا تعلمنا يا سيادة اللواء.
التقط اللواء قلما إليكترونيا رفيعا، ووقع باسمه في دفتر الزائرين، ثم عبر بوابة مدينة الأبحاث في تعالٍ، والضابط يؤدي له التحية العسكرية مرة أخرى، ولكنه ما أن ابتعد، حتى التقط الضابط هاتفه، وطلب رقما مختصرا، قبل أن يقول في خفوت، وكأنه يخشى أن يسمع اللواء:
- سيادة اللواء فتحي جابر وصل إلى المدينة، دون أية معلومات مسبقة، وأظنه تفتيشا أمنيا مفاجئا.
فاجأه صوت غاضب صارم:
- أي قول أحمق هذا يا رجل؟! أنا اللواء فتحي جابر، ولم أغادر مكتبي منذ الصباح.. من هذا الذي انتحل شخصيتي، ونجح في خداع حمقى مثلكم؟!
وكاد الهاتف يسقط من يد ضابط الأمن المصعوق..
فالشخص الوحيد، الذي يمكنه انتحال هيئة آخر، بحيث يعجز الآخر نفسه عن كشفه، هو الرجل الذي تبحث عنه كل جهات الأمن، في هذا العالم الموازى..
أكرم صدقي..
مجرم القرن..
الوحيد..
***
هكذا يكون التحدي..
قالها أكرم صدقي، في هدوء عجيب، قاطعا حالة الصمت الرهيب، التي خيمت على المكان، فارتفع حاجبا حسام، قبل أن يهتف مستنكرا:
- هل ستقبل هذه المهمة العجيبة، بعد ما قاله هذا الـ.. هذا الرجل؟!
التفت إليه أكرم، قائلا:
- اهدأ قليلا يا صديقي، ودعنا نعيد دراسة الموقف كله، على نحو مختلف.. إننا أمام موقف، لم يمر به بشري من عالمنا من قبل.. أو أن هذا ما أعتقده على الأقل.. موقف يستعين فيه عالم بشخص من عالم آخر، ليواجه نفسه بنفسه.
قال حسام في حدة:
- تتعامل مع الأمر كما لو كان لعبة مسلية.
هزَّ أكرم رأسه نفيا، وهو يقول:
- ليس لعبة بالتأكيد، ولكنه حالة عجيبة، لم يخطر ببالي أن أواجهها، حتى في أبشع كوابيسي.. ولكنه تحدٍ من نوع جديد.. تحدٍ أن أواجه شخصا، يتمتع بكل ما أحمله من صفات، وما اكتسبته من مران وخبرات، طوال سنوات وسنوات من الصراع، مع أجهزة مخابرات، ومنظمات جاسوسية وإرهابية، وحتى إجرامية..
ومن الناحية المنطقية، فهذا أكثر خطورة بكثير، وخاصة عندما يكون الزمن محدودا إلى هذا الحد.. ولكنني، ولسبب ما في أعماقي، لست أرغب في قبول التحدي وخوض التجربة فحسب، ولكنني شديد الشغف أيضا؛ لمعرفة الأسباب الحقيقية، التي دفعت شخصا في عالمهم، إلى نبذ كل ما نذر حياته من أجله؛ لينتقل من مجال حماية الوطن وأمنه، إلى مجال الجريمة، وتقويض أركان المجتمع.. أريد أن أعرف.. وأن أفهم.. فلو أنه تربى كما تربيت، ونشأ كما نشأت، فسيكون من المستحيل أن ينقلب لمائة وثمانين درجة على هذا النحو، إلا لو كانت لديه دوافع شديدة القوة.
وصمت لحظات، عاد خلالها ذلك الصمت المهيب يسيطر على المكان، قبل أن يضيف في حزم:
- أريد أن أعرف يا حسام.. صدقني.. أريد أن أعرف.
تطلَّع إليه حسام في صمت لبضع لحظات أخرى، ثم تراجع مغمغما:
- هذا حقك.
شعر رياض بالارتياح، وهو يتساءل:
- إذن فأنت تقبل.
مدَّ أكرم يده إليه، وهو يقول مبتسما:
- فقط عندما تخبرني، كيف ومتى سننتقل إلى عالمك؟!
اندفعت يد رياض نحو يده، وهو يقول في لهفة:
- الآن..
وتصافح الرجلان..
أو تصافح العالمان..
وبقوة..
فاعتبارا من تلك اللحظة، سيبدأ أكرم صدقي أغرب مهامه..
وأخطرها..
على الإطلاق.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين أبريل 15, 2013 8:40 pm

(4) :
ارتفعت صفارات الإنذار عالية، في مدينة الأبحاث العلمية، وانتشر رجال الأمن في كل مكان منها، وفقا لخطة طوارئ، تدربوا عليها طويلا، في نفس الوقت الذي انطلق فيه اللواء فتحي جابر الحقيقي بسيارته، في طريقه إلى المكان، وهو يهتف بضابط أمن المدينة، في توتر صارم شديد:
- أشعلوا كل نظم الأمان، وأغلقوا كل منافذ المبنى الرئيسي، ولا تنسَ تفعيل جدار النار الفائق؛ لحماية كل المعلومات، التي تحويها أجهزة الكمبيوتر، في المدينة كلها.
أجابه ضابط أمن المبنى، وهو يشير لفريق من رجاله، بالالتفاف حول المبنى الرئيسي:
- قمت بتفعيل كل هذا بالفعل يا سيادة اللواء، ولدينا فريقان من الحرس الخاص، داخل المبنى الرئيسي، يقومون بتفتيش كل ركن منه.
هتف به اللواء فتحي في صرامة:
- سأصل إليك خلال ثمان دقائق على الأكثر، وهليوكوبترات الأمن ستصل خلال دقيقة واحدة.
وانعقد حاجباه في شدة، وهو يضيف في غضب، امتزج بصرامته:
- لقد أخطأ مجرم القرن بوضع نفسه في هذا الفخ المحكم .. سنوقع به هذه المرة، بفضل غطرسته وغروره.
لم يشعر الضابط بنفس الثقة، وهو يغمغم:
- بالتأكيد يا سيادة اللواء .. بالتأكيد.
قالها منهيا الاتصال، ثم تطلع إلى المبنى الرئيسي، مستطردا بعد زفرة حارة:
- لو أنه منحنا الفرصة لهذا.
في نفس اللحظة التي نطقها، كان رجاله داخل المبنى قد انقسموا إلى عدة فرق صغيرة، اتجهت كل فرقة منها إلى أحد اجزاء المبنى، مسلحة بأحدث المدافع الآلية، والسترات والخوذات المضادة للرصاص، وأجهزة البحث والرصد الحراري، بحثا عن أكرم صدقي عالمهم..
وفي عنف مدروس، اقتحمت إحدى الفرق معمل الدكتور راضي، كجزء من المبنى، وعلى الرغم من أن المعمل بدا خاليا من البشر في وضوح، إلا أن الفرقة، المكوَّنة من خمسة رجال، انتشرت في المكان، تفحص كل ركن، يمكن الاختفاء فيه، وبمنتهى الدقة، حتى أعلن كل منهم خلو المكان، فتوقف قائد الفرقة الصغيرة، وقال عبر جهاز اتصاله الخاص، وبلهجة عسكرية تقليدية:
- المعمل ف خال ونظيف.
آتاه صوت ضابط أمن المدينة، يقول في حزم:
- اعمل على إغلاقه بالحواجز الأمنية؛ لضمان عدم اللجوء إليه فيما بعد، وقم بتشغيل نظام رصد دائم هناك؛ حتى يمكننا مراقبته من خارج المبنى.
أجاب قائد الفرقة الصغيرة، بنفس اللهجة العسكرية:
- علم وينفذ.
أنهى الاتصال، وهو يرفع عينيه إلى رجاله الأربعة، قائلا في صرامة:
- سننفذ خطة إغلاق هذا المعمل.
ليس بعد...
أتاه الصوت في لهجة ساخرة من أعلى، فرفع عينيه وسلاحه إلى سقف المعمل، حيث ممرات التهوية المركزية، و ..
وانقض أكرم صدقي ..
وبمنتهى العنف..
***
دوَّامة ألوان عجيبة، أحاطت بكل شيء..
دوَّامة تدور في سرعة كبيرة، تدور معها أعتى الرءوس..
ومع ذلك الطنين، الذي كاد يخترق خلايا المخ، بدا الأمر شاقا ومؤلما، إلى حد كبير..
- أغلق عينيك..
قالها المفتش رياض، وهو يغلق عينيه في قوة، قبل أن يضيف، في ألم ملحوظ:
- هذا يجعل الأمر أقل عنفا..
أغلق أكرم عينيه في قوة أيضا، إلا أن ذلك الدوار، الذي أصابه، منذ بدأت رحلته مع رياض عبر الأبعاد، ظل يلازمه، مع ذلك الشعور العجيب بأنه يهوي من حالق، في بطء متواصل..
ثم دوّت فرقعة عجيبة..
ومع دويها، سقط جسده أرضا فجأة، ففتح عينيه، مغمغما:
- ياله من هبوط سيئ!
أدهشه أن وجد نفسه مع رياض، على سطح مبنى، تطلّ عليه نجوم السماء من أعلى، فاعتدل ممسكا برأسه في شيء من الإرهاق، وقال وهو يقاوم آثار ذلك الطنين المؤلم:
- كنت أتصوَّر أننا سنصل إلى معمل علمي، أو قاعدة عسكرية مثلا.
أمسك رياض رأسه، على نحو مماثل، وهو يغمغم:
- لا تسلني عن التفاصيل العلمية، ولكن شقيقي أكَّد ضرورة الهبوط في مكان مفتوح؛ حتى لا تنحصر الطاقة في مكان محدود.
استجمع أكرم قوته، ونهض واقفا، وأدار عينيه فيما حوله، وهو يقول:
- إذن فهذه قاهرة عالمك.
أومأ رياض برأسه، على الرغم من أن أكرم يوليه ظهره، وقال وهو ينهض بدوره:
- إنها تشبه قاهرتك إلى حد كبير، ولكن مع بعض الاختلافات بالطبع.
كانت عينا أكرم قد توقفتا عند نقطة بعينها، وهو يغمغم:
- أرى اختلافا واضحا.
استدار رياض إلى حيث يشير، وابتسم ابتسامة تمتزج بآلام رأسه، وهو يقول:
- آه .. برج الثورة.
انعقد حاجبا أكرم وهو يقول:
- نطلق عليه في عالمي اسم برج القاهرة.
أومأ رياض برأسه مرة أخرى، مغمغما:
- أعلم هذا.
ثم اعتدل مضيفا:
- لقد بدأ لدينا كما بدأ لديكم، ولكننا قمنا بتطويره منذ خمسة أعوام، وارتفع لثلاثين مترا أخرى، وأضيفت إليه ثلاثة مطاعم مختلفة دوَّارة، وقاعة للأفراح والاحتفالات، وتمت تغطية الإضافة بالخلايا الشمسية، التي تضيئه ذاتيا ليلا كما ترى.
هزَّ أكرم رأسه، وابتسم قائلا:
- ربما أطرح هذه الفكرة، عندما أعود إلى عالمي.
لم يكد يتم عبارته، حتى ارتفع رنين هاتف رياض المحمول، فالتقطه في سرعة، وهو يقول في حماس:
- لقد أتيت به يا سيدي.
آتاه صوت رئيسه، وهو يهتف:
- في الوقت المناسب يا رياض، فنحن الآن في مواجهة عنيفة مع نظيره، مجرم القرن.
انعقد حاجبا رياض في شدة، وهو يستمع إلى التفاصيل، ثم رفع عينيه إلى أكرم مع إنهاء المحادثة، وهو يقول في توتر:
- يبدو أن المواجهة ستبدأ.. الآن.
وعلى الرغم من اعتياده المواجهات، مهما كان عنفها، شعر أكرم في أعماقه بشعور عجيب، مع بدء مواجهته مع نفسه..
شعور لا يمكنه أن يصفه ..
أبدا..
***
استفادة من المواجهة السابقة، راحت هليوكوبترات الأمن تحوم حول مدينة الأبحاث الالعلمية، دون الاقتراب منها، إلى درجة تسمح لأي كائن بالقفز إليها، مهما بلغت قوته أو جرأته..
وعبر أجهزتها المتطورة، راحت ترصد كل جزء ظاهر من المدينة، يمكن أن يختبئ عنده أي كائن حي في نفس اللحظة التي وصلت فيها سيارة اللواء فتحي جابر، والذي قفز منها، قبل حتى أن تتوقف بالكامل، وهو يهتف بضابط الأمن:
- هل توصلتم إليه؟!
أجابه ضابط الأمن في توتر:
- ليس بعد.. الرجال منتشرون في المبنى، ولكنهم لم يجدوا له أدنى أثر، على الرغم من تفتيش وإغلاق معظم معامله.
سأله اللواء في توتر:
- وهل وضعوها كلها قيد المراقبة المستمرة؟!
أومأ الضابط برأسه إيجابا، وهو يقول:
- كلها تحت المراقبة يا سيادة اللواء.
انعقد حاجبا اللواء مفكَّرا، وهو يتساءل:
- ألا يمكن أن يكون قد غادره، قبل تفعيل إجراءات الأمن؟!
هزَّ الضابط رأسه نفيا في قوة، وهو يقول:
- مستحيل يا سيادة اللواء.. لقد قمنا بتفعيل إجراءات الأمن، بعد أقل من دقيقة واحدة، من دخوله المبنى.
صاح فيه اللواء في غضب:
- لم يكن ينبغي أن تسمح له بالدخول، ما دامت ليست هناك تعليمات مسبقة بهذا.
ارتبك الضابط في شدة، وهو يقول:
- لقد.. لقد كان أنت يا سيادة اللواء.
صاح فيه اللواء، في غضب أكثر:
- التعليمات هي التعليمات أيها الضابط.
بدا الضابط شديد التوتر والارتباك، وهو يغمغم:
- أنت على حق يا سيادة اللواء.
شدَّ اللواء فتحي قامته، وانعقد حاجباه في صمت، بضع لحظات أخرى، قبل أن يقول في حزم:
- إذن فهو بالداخل حتما، حتى ولو لم يعثر عليه رجالك!
غمغم الضابط:
- هذا ما يبدو يا سيادة اللواء.
اومأ اللواء فتحي برأسه إيجابا مرتين، قبل أن يستعيد صرامته، قائلا:
- في هذه الحالة، سننتقل إلى خطة الطوارئ القصوى رقم واحد.
اعتدل الضابط بدوره، وقال في صوت مبحوح، من فرط الإثارة:
- الغاز؟!
أجابه اللواء بنفس الصرامة:
- نعم.. سنخلي المبنى من رجالنا، ونغلق كل منافذه، ثم نطلق فيه أسطوانات الغاز المخدر ليوم كامل.
صمت لحظة، ثم أضاف في صرامة أكثر:
- لن يمكنه أن ينجو من هذا أبدا.
غمغم الضابط في تردد:
- أتعشم هذا يا سيادة اللواء.
رماه اللواء بنظرة غاضبة، فاستدرك في سرعة:
- أعني أن هذا أكيد يا سيادة اللواء.
بدا اللواء شديد الغضب، وهو يواصل رميه بتلك النظرة الغاضبة، ثم شدَّ قامته أكثر، وهو يقول بلهجة آمرة:
- مر بإخلاء المبنى.
أصدر الضابط على الفور أوامره لكل الفرق، داخل المبنى الرئيسي، بإخلاء المبنى على الفور، في حين غمغم اللواء في صرامة:
- سيقع مجرم القرن في أيدينا هذه المرة.. حتما.
وفي هذه المرة، صمت الضابط تماما دون تعليق..
ففي أعماقه، ما زال الشك يتصاعد في سرعة..
وفي قوة..
شديدة..
***
أهذا جزء من إجراءات الأمن، المتبعة هنا؟
ألقى أكرم صدقي السؤال على رياض، وهما داخل واحدة من هليوكوبترات الأمن، تنقلهما إلى مدينة الأبحاث العلمية، فأومأ هذا الأخير برأسه إيجابا، وقال في انفعال:
- ليس إجراء عاديا، ولكنه يستخدم فقط في محاولات الطوارئ القصوى.
التقى حاجبا أكرم في تفكير عميق، قبل أن يقول فجأة:
- اطلب منهم عدم إخلاء المبنى من رجالهم.
التفت إليه رياض في دهشة، وهو يغمغم مستنكرا:
- وكيف أطلب منهم هذا؟!.. إنه إجراء أمني رسمي، و..
قاطعه أكرم في حزم:
- ولهذا ينبغي ألا يتبعوه.. دعهم يطلقون الغاز على الجميع.
اتسعت عينا رياض، وهو يهتف:
- على رجالنا أيضا؟!
أجابه أكرم، قبل حتى أن يكمل عبارته المستنكرة:
- هذا هو المقصود.
فغر رياض فاه، دون أن ينبس ببنت شفة، وهو يحدق فيه ذاهلا، فصاح به أكرم:
- كل ثانية تمضي، ستصنع فارقا كبيرا.. هيا.. اطلب منهم هذا فورا.
ومرة أخرى لم يفهم رياض..
لم يفهم مطلقا.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين أبريل 15, 2013 8:44 pm

(5) :
"تم إخلاء المبنى تماما يا سيادة اللواء"..
نطق ضابط أمن مدينة الأبحاث العلمية العبارة، في لهجة عسكرية تقليدية، وهو يؤدي التحية للواء فتحي، الذي شدّ قامته، وهو يقول في صرامة:
- أطلقوا أسطوانات الغاز.
رفع ضابط الأمن جهاز الاتصال، إلى شفتيه؛ ليلقي أوامر إطلاق الغاز، ولكن هاتفه المحمول انطلق في هذه اللحظة، فانعقد حاجباه، وهو يلقي نظرة على شاشته، مغمغما في توتر:
إنه المفتش رياض.. المسئول عن عملية مجرم القرن.
أجابه اللواء فتحي في صرامة:
- لقد وصل متأخرا.. أطلق أسطوانات الغاز أوّلا، ثم أجب اتصاله.
غمغم الضابط في تردّد:
- ولكن ربما..
قاطعه اللواء بصيحة هادرة:
- أطلق الغاز.
أسرع الضابط يصدر أوامره إلى رجاله بإطلاق أسطوانات الغاز، داخل المبنى الرئيسي، ثم ضغط زرّ الاتصال في هاتفه، وهو يقول في توتر:
- سيادة المفتش.
هتف به رياض عبر الهاتف:
- أوقفوا عملية إخلاء المبنى فورا.
بلغ صوته المرتفع مسامع اللواء فتحي، فانعقد حاجباه في شدة، في حين ارتفع حاجبا الضابط في دهشة، وهو يقول في اضطراب:
- ولكن الإخلاء قد تم بالفعل يا سيادة المفتش.
فوجئ بالمفتش رياض يصرخ فيه:
- أيها التعس.. لقد أفسدت كل شيء!
لم يدر الضابط ماذا يقول، وهو يدير عينيه في ارتياع إلى اللواء فتحي الذي انعقد حاجباه أكثر، وهو يتمتم في صوت خافت، يموج بالانزعاج:
- أي قول هذا؟!
تغّير صوت رياض، عندما اختطف أكرم جهاز الاتصال من يده، هاتفا:
- هل انفصل أحد رجالك عن الفريق، دون مبرّر واضح؟!
أدار الضابط عينيه فيما حوله، وهو يغمغم في توتر:
- كيف علمت هذا؟! أحدهم انفصل بالفعل، متجها نحو واحدة من السيارات المدرّعة، التابعة لـ..
قاطعه أكرم في سرعة وحزم:
- لا تدعه يصل إليها.. مرْ رجالك بإيقافه فورا.
لم يستوعب الضابط أو اللواء الأمر، وعندما انتزعا نفسيهما من دهشتهما، كان ذلك الذي انفصل على بعد خطوة واحدة من السيارة المدرّعة، فأشار إليه اللواء، هاتفا:
- أوقفوا هذا الرجل.
لم يستوعب رجاله أيضا هذا الأمر، الذي يطالبهم بإيقاف أحد زملائهم..
وأضاعوا ثانية..
ثانية واحدة فقط..
وبالنسبة لأي شخص عادي، تُعتبر الثانية زمنا قصيرا للغاية..
ولكن ما فعله فيها ذلك الرجل، الذي انفصل عن الباقين، جعلها تبدو أشبه بدهر كامل!!
لقد استوعب الموقف قبل الباقين، فوثب في خفة مذهلة، يفتح باب السيارة المدرّعة، ويلكم سائقها، ثم يدفعه خارجها، وهو يدير محرّكها في الوقت نفسه..
وعندما تحرّك الرجال، بعد استيعاب الموقف، كان هو ينطلق بالسيارة المدرّعة، بأقصى سرعة تسمح بها محركاتها..
وعلى الفور، انطلقت الرصاصات خلفه كالمطر، وارتطمت كلها بدروع السيارة، وارتدّت عنها في عنف، دون أن تنجح في إيقافها، في حين اندفعت هي تخترق الأسوار القوية المكهربة، المحيطة بالمدينة، وتنطلق مبتعدة عنها..
وعبر جهاز اتصاله الخاص، صرخ اللواء في طائرات الهليوكوبتر، المحيطة بالمكان:
- طاردوا هذه السيارة الهاربة.. أوقفوها بأي ثمن.
دارت طائرات الهليوكوبتر كلها، واندفعت تطارد السيارة، التي واصلت طريقها، عبر المنطقة الخالية، المحيطة بمدينة الأبحاث العلمية، متجهة نحو منطقة سكنية تحت الإنشاء، تبعد كيلو مترين فقط عن المكان..
وعبر جهاز الاتصال، تساءل أحد قائدي طائرات الهليوكوبتر:
- سيادة اللواء.. هل نكتفي بمطاردتها، أم..
قاطعه اللواء، في توتر صارم:
- قلت أوقفوها بأي ثمن.. أطلقوا عليها النار.. انسفوها لو اقتضى الأمر، ولكن لا تسمحوا لها، أو لقائدها بالفرار أبدا.
مع هذا الأمر، وعلى الرغم من ثقة الطيّارين بأن رصاصات مدافعهم لن تكفي لنسف سيارة مدرّعة، من هذا الطراز الحديث شديد التصفيح، إلا لو تواصلت على نحو متصل، راحوا يمطرون السيارة برصاصاتهم، وهي تواصل انطلاقها، في مسار شديد التعرّج، يشفّ عن براعة قائدها وحنكته وجرأته، على الرغم من الرصاصات، التي ترتطم بجسمها في قوة، حتى بلغت تلك المباني الجديدة، التي لم يكتمل إنشاؤها بعد..
ولأن قائد طائرات الهليوكوبتر الأمنية، كان يدرك صعوبة مواصلة المطاردة، إذا ما بلغت السيارة المدرّعة تلك المباني، فقد هتف عبر جهاز الاتصال:
- سيادة اللواء.. أطلب الإذن بقصف السيارة بالصواريخ.
صاح به اللواء فتحي:
- وهل تنتظر الإذن بهذا؟! قلت: أوقفوها بأي ثمن.
حمل صوت قائد الهليوكوبتر توتره، وهو يقول:
- لا بد من أمر مباشر يا سيادة اللواء، فالقانون يمنع استخدام الصواريخ داخل المدن، و...
قاطعه اللواء بصيحة هادرة:
- اقصفها يا رجل، قبل أن تضيع الفرصة.. اقصفها.. هذا أمر.
كان قائد الهليوكوبتر متحفزّا للقصف بالفعل، كما أن الهليوكوبتر كانت على مشارف تلك المدينة الجديدة بالفعل، لذا فما أن آتاه الأمر المباشر، حتى ضغط زر الإطلاق على الفور..
وانطلق الصاروخ نحو السيارة المدرّعة..
وأصابها مباشرة، و..
ودوى الانفجار..
وبمنتهي العنف..
***
"لقد نسفوه!!"
تراجع رياض بحركة حادة، وهو يهتف بالعبارة، مع ذلك الوهج، الذي بدا واضحا، والهليوكوبتر التي تحمله مع أكرم صدقي، الذي انعقد حاجباه، وهو يغمغم:
- حقا؟!
كانت طائرات الهليوكوبتر الأمنية تدور حول السيارة، التي نسفها الصاروخ نسفا؛ للتيقّن من تمام تدميرها، وارتفع صوت قائدها، عبر جهاز الاتصال، في هليوكوبتر رياض، وهو يقول في صرامة:
- إلى قائد الهليوكوبتر القادمة.. عرّف عن نفسك.
التقط رياض جهاز الاتصال في سرعة، وهو يقول في صرامة:
- المفتش رياض.. . من الأمن العام.. أبلغني فورا.
آتاه صوت قائد طائرات الهليوكوبتر، يجيب في ارتياح:
- مرحبا يا سيادة المفتش.. . ننتظر قدومك بالفعل.. أظن أن مهمتك قد وضعت أوزارها يا سيّدي.. لقد نسفنا مجرم القرن على التو.
انعقد حاجبا أكرم في شدة، وسرت في جسده، وربما لأوّل مرة في حياته، قشعريرة باردة، لم يختبر مثلها من قبل قط..
نسفوه!!
نسفوا قرينه، في هذا العالم الموازي!!
يا له من شعور عجيب، أن يسمع المرء بنفسه خبر مصرعه!!
وبينما يتراجع في مقعده مفكّرا، سمع رياض يجيب قائد طائرات الهليوكوبتر في توتر:
- تيّقن أوّلا، قبل أن تجزم يا رجل.
بدت دهشة قائد طائرات الهليوكوبتر الأمنية واضحة، وهو يقول:
- ولكننى أطلقت الصاروخ نحو السيارة، وهي تنطلق بالفعل يا سيادة المفتش، ورأيته بنفسي ينسفها نسفا.
صاح به رياض في صرامة:
- تيّقن أوّلا.
اعتدل أكرم يقبض على معصمه فجأة، وهو يقول في حزم:
- ليس بعد.
التفت إليه رياض في دهشة، يسأله:
- ماذا تعني؟!
أجابه أكرم بنفس الحزم:
- مر طائرات الهليوكوبتر بالتراجع فورا.
في هذه المرة، اتسعت عينا رياض عن آخرهما، وهو يحدّق فيه بكل الدهشة، قبل أن يقول في حدة:
- هل تعلم بم سيتهموننى، لو أنني أمرت بهذا؟!
حمل صوت أكرم كل صرامته، وهو يقول:
- هل تعلم أنت، إن لم تنفذ ما أطلبه منك، فلن تكون هناك جدوى من تركى عالمى، والحضور معك إلى عالمك؟!
تطلّع إليه رياض بضع لحظات في صمت، ثم قال في توتر:
- أفلت معصمي.
حلّ أكرم أصابعه من حول معصم رياض، الذي تنحنح في توتر شديد، ثم ضغط زر الاتصال، وهو يقول في توتر شديد:
- ابتعدوا عن المكان فورا.
هتف قائد طائرات الهليوكوبتر بكل دهشته:
- ماذا؟!
أجابه رياض، في حدة صنعها توتره الشديد:
- هل سمعت ما أمرتك به؟!
سادت لحظة من الصمت، قبل أن يجيب قائد طائرات الهليوكوبتر:
- كما تأمر يا سيادة المفتش.
شاهد اللواء فتحي، عبر منظاره المقرّب، طائرات الهليوكوبتر تتراجع، فهتف في قائدها، عبر جهاز الاتصال:
- ماذا تفعلون؟! ابقوا في المكان، حتى نصل إليكم.
أجابه القائد بكل توتره:
- سيادة المفتش رياض، المسئول عن ملف مجرم القرن، أمر بأن يتراجع الجميع، عن منطقة الانفجار.
كان اللواء ينطلق بالفعل، على رأس فريق رجاله الخاص، نحو منطقة المدينة الجديدة؛ للتيقن من مصرع مجرم القرن، لذا فقد عقدت الدهشة لسانه لحظة، قبل أن يغمغم:
- أمر بالتراجع؟! لماذا؟!
لم يجد قائد طائرات الهليوكوبتر الأمنية، سوى أن يقول بكل توتره:
- هو المسئول عن الملف كله، يا سيادة اللواء.
في نفس الوقت، الذي كان اللواء يحاول فيه استيعاب الموقف، أشار أكرم صدقي إلى سطح أحد مبانى المدينة الجديدة، وهو يقول بلهجة آمرة:
- انخفض نحو هذا السطح.
أطاعه قائد الهليوكوبتر على الفور، بعد أن أدرك من محادثته مع المفتش رياض، أنه من يقود المهمة، في حين تساءل رياض في توتر:
- ماذا تنوي أن تفعل؟!
تطلّع إليه أكرم لحظة في صمت، قبل أن يجيب:
- سترى.
لم يرضِ هذا الجواب رياض، فهتف في عصبية:
- المفترض أنني المسئول الأوّل عن هذا الملف.
أجابه أكرم في صرامة:
- قم بما ينبغي عليك فعله إذن.
تراجع رياض معقود الحاجبين في غضب متوتر، في حين تساءل قائد الهليوكوبتر، وهو يقترب من السطح:
- هل تريد مني أن أهبط هناك؟!
أجابه أكرم في حزم:
- اقترب فحسب.
تساءل رياض في توتر، عما ينتوي أكرم فعله، وعقد ساعديه في عصبية، وهو يتابع اقتراب الهليوكوبتر من ذلك السطح، الذي أشار إليه أكرم، والذي قال بكل الحزم:
- لا تتوقف لحظة واحدة.. واصل التحليق حول المكان بضع لحظات، كما لو أنك تتفقد موضع الانفجار فحسب، ثم ابتعد كما فعل أقرانك.
اعتدل رياض، يسأله في عصبية:
- ثم ماذا؟!
ولكنه لم يحظ منه بجواب مباشر..
هذا لأن أكرم قد ألقى أمره الأخير، ثم وثب من الهليوكوبتر نحو السطح..
مباشرة.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين أبريل 15, 2013 8:49 pm

(6) :
في خفة مدهشة تحرك مجرم القرن في ذلك العالم، بين الطرقات غير المرصوفة والتي لم تكتمل بعد لتلك المدينة الجديدة، محاولا الابتعاد بقدر الإمكان عن الساحة الخالية، التي تفصله عن مدينة البحوث العلمية.
كان بحكم عمله السابق في جهاز المخابرات العمومية في عالمه، يعلم جيدا كيف تتعامل الجهات الأمنية في موقف كهذا.
صحيح أنه قد وثب من تلك السيارة المدرّعة، فور وصوله إلى أطراف المدينة الجديدة، بحرفية تمنع طائرات الهليوكوبتر من كشف خروجه منها، وتركها تواصل اندفاعها، مدركا أنهم إن عاجلا أو آجلا سيلجأون إلى قصف السيارة بصواريخهم، كوسيلة أخيرة لمنعه من الفرار..
إلا أنهم حتما لن يتوقفوا عند هذا..
فلا بد، وفقا لأبسط قواعد الأمن، أن يتيقنوا من مصرعه قبل إعلان هذا رسميا..
وهذا يعني أنهم سيسرعون بكل قواتهم الأرضية لفحص المكان وتفتيشه، أو لفحص بقايا السيارة المدرعة والتيقن من وجود جثته المحترقة داخلها..
ولأنه يعلم كل هذا، فقد وضع خطته منذ البداية، مفترضا كل الاحتمالات الممكنة..
وكل ما عليه الآن هو أن يسبقهم في الوصول إلى نهاية المدينة الجديدة..
هناك تنتظره سيارته التي أخفاها في مهارة وخبرة، وتركها في موضع يتيح له الانطلاق بها في سرعة وبلوغ الطريق العمومية خلال دقيقتين فحسب..
وهناك سيمتزج بالسيارات العابرة، ويصير من العسير إن لم يكن من المستحيل، أن يتم تمييزه أو العثور عليه..
ولكل هذا فقد تحرك في سرعة، عاونه عليها إدراكه لطريقه جيدا، بعد أن درس المنطقة كلها في اليوم السابق ووضع خريطة تحرّكه مسبقا..
وعلى الرغم من ثقته الشديدة في كل ما خطط له، فقد توقف فجأة وانعقد حاجباه في شدة..
طائرات الهليوكوبتر تتراجع!
فما الذي يمكن أن يعنيه هذا؟!
المفترض وفقا لأبسط القواعد أن تواصل حومها حول المكان كله، حتى تتيقن من أن المكان نظيف تماما..
ولكنها تتراجع!
وهذا ليس إجراء طبيعيا..
أبدا..
وخبرته الطويلة، في عالم المخابرات العمومية، تشير إلى أن أي تغير في إجراءات الأمن، يعني وجود خطة غير تقليدية..
انطلق عقله بسرعة الصاروخ، يحاول استنتاج ماهية تلك الخطة الجديدة..
تراجع طائرات الهليوكوبتر يعني أن هناك خطة تستهدف الإيحاء بالثقة في مصرعه، حتى يفقد حذره الزائد ويتحرك في ثقة، ليقع في فخ ما تم إعداده له بدقة..
فما هي طبيعة هذا الفخ؟!
هل كشفوا سيارته، على الرغم من براعته في إخفائها؟!
هل يكمنون له هناك؟!
هل؟!
راح عقله يعمل في كل الاتجاهات ويدرس كل الاحتمالات، وكأنه أمام رقعة شطرنج كبيرة، يواجه عليها بطل العالم في اللعبة في مراحلها الأخيرة..
وعليه أن يستخدم كل براعته وخبراته وقدراته في تحريك قطعة، و..
لا توجد خطة بديلة..
ارتفع الصوت من خلفه فجأة، وصدم أذنيه في شدة، فاستدار إلى مصدره في سرعة مدهشة، وارتفع مسدسه نحوه..
ثم على الرغم من اعتياده المفاجآت والصدمات، ومن قدرته المدهشة على استيعابها وتجاوزها، في سرعة تفوق الوصف، فقد تجمد في موقفه، واتسعت عيناه عن آخرهما..
فما رآه أمامه كان مذهلا..
وبكل المقاييس..
***
مستحيل..
هتف قائد هليوكوبتر المفتش رياض بالكلمة، وكل لمحة من لمحات وجهه تشف عن ذهوله وانفعاله الشديد..
وفي انفعال مماثل، على الرغم من محاولة إخفائه، غمغم رياض:
- إنه ليس رجلا عاديا.
هتف قائد الهليوكوبتر:
- بالتأكيد.. لقد وثب من الهليوكوبتر، بلا ذرة واحدة من التردد ودون أن تتوقف، وعلى الرغم من هذا فقد هبط على السقف في رشاقة مذهلة، وكأنه يملك جسد فهد وقلب أسد.
غمغم رياض، محاولا كتمان انفعاله:
- إنه كذلك.
صمت قائد الهليوكوبتر لحظة، ثم تساءل في حذر:
- ولكن كيف جعلتموه يشبه مجرم القرن إلى هذا الحد المذهل؟!
انعقد حاجبا رياض، وهو يجيب في صرامة:
- هذه معلومات سرية للغاية.
هز قائد الهليوكوبتر رأسه، وكأنما يعلن اكتفاءه بهذا، إلا أنه عاد يسأل في اهتمام:
- لا بد أن لديه خطة قوية.. أليس كذلك؟!
لم يكن رياض يدري ما الذي ينتويه أكرم صدقي بالظبط..
ولا كيف سيواجه بديله في هذا العالم..
أو كيف وماذا سيحدث بينهما..
كل ما كان يثق به، هو أنها لن تكون مواجهة عادية، بأي حال من الأحوال..
ولأنه لا يدري شيئا، فقد كرر في عصبية مقتضبة:
- سري للغاية.
وازداد انعقاد حاجبيه..
كثيرا..
في نفس اللحظة التي فعل فيها هذا، كان اللواء فتحي ورجاله قد وصلوا إلى أطراف تلك المدينة الجديدة، وكان هو يقول لرجاله في صرامة، عبر أجهزة الاتصال:
- حاصروا المكان كله، وليبدأ الفريق (أ) والفريق (ب) في تمشيط كل شبر فيه، دون إهمال شبر واحد.
بدأ رجاله عملية الانتشار على الفور، واندفع الفريقان المشار إليهما لتمشيط المكان وفقا للأوامر، ووفقا لما تدربوا عليه في هذا الشأن، إلا أن أحد قائدي الفرقتين تساءل:
- لو افترضنا أنه لم يلق مصرعه بصاروخ الهليوكوبتر يا سيادة اللواء، فماذا ينبغي أن نفعل إذا ما عثرنا عليه؟ هل نلقي القبض عليه، أم..
قاطعه اللواء فتحي في صرامة:
- أطلقوا النار على الفور.. لن نجازف بمحاولة إلقاء القبض عليه مرة أخرى.
حمل صوت الرجل ارتياحه، وهو يقول:
- كما تأمر يا سيادة اللواء.
التقط جهاز اتصال رياض هذه المحادثة القصيرة، فهتف في غضب:
- ماذا تفعل يا سيادة اللواء؟! لقد طلبت منك في وضوح الابتعاد تماما عن هذه المنطقة.
صاح به اللواء فتحي عبر جهاز الاتصال:
- ما طلبته يعد خيانة عظمى أيها المفتش.
صاح رياض بدوره:
- مع اعتذاري لفارق الرتب، فأنا المسئول عن هذا الملف أيها اللواء، ووحدي أقرر ما ينبغي وما لا ينبغي في هذا الشأن.
بدا اللواء فتحي شديد الغضب، وهو يصرخ:
- يمكنك أن تتقدم بشكوى رسمية.
ثم أضاف قبل أن ينهي الاتصال:
- بعد أن أحظى بجثة مجرم القرن.
احتقن وجه رياض في شدة مع قطع الاتصال، ورسم عقله صورة لفرق الأمن وهي تطلق النار على أكرم صدقي باعتباره مجرم القرن، فسرت في جسده قشعريرة عجيبة، جعلته يقول لقائد الهليوكوبتر في عصبية صارمة:
- اهبط إلى جوار سيارة اللواء فتحي، في حين أجرى اتصالا مهما.
وتراجع بنفس العصبية، وهو يجري ذلك الاتصال برئيسه المباشر..
أما داخل تلك المدينة الجديدة، فقد راح أفراد الفريقين (أ) و (ب) يمشطون المدينة مبنى بعد آخر، وعبر خطة ممنهجة، تضمن عدم إفلات فأر صغير من بين أيديهم..
وعبر جهاز الاتصال الداخلي المحدود، قال قائد الفرقة (أ) لرجاله:
- اعملوا على تأمين كل مبنى يتم تمشيطه، حتى لا يعود إليه الهدف، بعد أن نفرغ منه.
وانعقد حاجباه دون أن يدري، وهو يضيف:
- في حال أنه لم يلقَ مصرعه بالفعل.
لم يكد يتم اتصاله، حتى جاءه صوت اللواء فتحي، يقول في صرامة:
- انتهت المهمة.. لقد لقي الهدف مصرعه بالفعل؛ عثرنا على جثته المحترقة داخل السيارة المدرعة.
قفز حاجبا قائد الفرقة (أ) يرتفعان وهو يغمغم في دهشة:
- حقا؟!
ثم عاد حاجباه ينعقدان، وهو يضيف في توتر:
- ولكن كيف تم هذا الاتصال يا سيادة اللواء؟ المفترض أن موجة الاتصال هذه موجة مغلقة محدودة بأفراد الفرقة وحدهم!
أتاه من خلفه صوت خافت، يحمل رنة ساخرة، وهو يقول:
- ربما لأنه لم يأتِ فعليا من لوائك.
استدار قائد الفرقة (أ) في سرعة، ليواجه صاحب الصوت وهو يرفع مدفعه الآلي، ولكن كل ما رآه في تلك اللحظة هو قبضة قوية تتجه نحو أنفه..
مباشرة..
***
ارتسم مزيج من الغضب والعصبية، على وجه اللواء فتحي، عندما هبطت هليوكوبتر المفتش رياض إلى جواره، فشد قامته، وشبك أصابع كفيه خلف ظهره، في وقفة صارمة متعالية، وهو يتابع المفتش، الذي قفز من الهليوكوبتر، واندفع نحوه قائلا:
- ستصلك أوامر من الوزير شخصيا يا سيادة اللواء، لتؤكد لك أنني وحدي المسئول عن هذا الملف.
أجابه اللواء في غطرسة عصبية:
- جهاز الاتصال الخاص بي أصابه عطب مفاجئ، ولن يمكنني تلقي هذا الاتصال المزعوم.
ناوله رياض جهاز اتصاله، وهو يقول:
- يمكنك استخدام هذا.
التقط اللواء جهاز اتصال رياض في هدوء، وقلّبه بين يديه، ثم رفع عينيه إلى هذا الأخير، قائلا في برود:
- وماذا عن الرصاصة التي أصابته؟!
تساءل رياض في دهشة مستنكرة:
- أي رصاصة؟!
ألقى اللواء فتحي جهاز اتصال رياض أرضا، وسحب مسدسه في سرعة ليطلق عليه رصاصة، ثم يعيده إلى جيبه بنفس السرعة، مبتسما في شراسة وهو يجيب:
- هذه.
احتقن وجه المفتش رياض، وهو يقول في غضب:
- لن يفلت هذا دون عقاب.
اتسعت ابتسامة اللواء فتحي، وهو يشيح بوجهه، مغمغما:
- يمكنك أن تحاول.
قالها ثم انعقد حاجباه في شدة، عندما لمح رجال الفرقتين (أ) و (ب) وهم يعودون من المدينة الجديدة، فهتف بهم في حدة:
- لماذا عدتم؟! المفترض أن تبقوا في مواقعكم!
أجابه أحدهم في دهشة:
- ولكنهم أخبرونا أنكم قد عثرتم بالفعل على جثة مجرم القرن محترقة داخل السيارة المحترقة.
صرخ فيه اللواء بكل غضبه:
- أي أحمق أخبركم هذا؟! لقد أطفأنا نيران السيارة منذ لحظات فحسب، ولم نبدأ عملية فحصها بعد.
اعتدل المفتش رياض، وارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة، امتزجت بالتماعة عينيه، ورجل الفرقة يغمغم حائرا مرتبكا:
- قائدو فرقتينا أخبرونا بهذا يا سيادة اللواء!
سمع رياض من خلف صوت أكرم يهمس:
- هيا بنا.
كان اللواء فتحي يصرخ:
- إنها خدعة أيها الحمقى.. عودوا إلى مواقعكم، حتى أصدر لكم شخصيا الأمر بالعودة.
تجاهل المفتش رياض غضب اللواء فتحي، وهو يلتفت إلى الواقف خلفه، والذي يرتدي زي أفراد الفرقة (أ)، وغمغم وهو يعود إلى الهليوكوبتر:
- هيا.
استقل كلاهما الهليوكوبتر التي ارتفع قائدها على الفور، فهتف أحد أفراد الفرقتين:
- لماذا اصطحب زميلنا؟!
استدار اللواء فتحي إلى الهليوكوبتر في سرعة، وكاد يشتعل غضبا وهو يصرخ:
- أوقفوا هذه الهليوكوبتر.. أطلقوا عليها النار.
ارتبك الرجال، فلم يطلقوا النار على الفور، وغمغم أحدهم متوترا:
- على المفتش رياض؟!
لم يجبه اللواء فتحي، وهو يتابع بكل غضبه الهليوكوبتر التي راحت تبتعد في سرعة، جعلتها بعيدة عن متناول رصاصات رجاله، وضاعف من غضبه أنه لا يستطيع أن يأمر طائرات الهليوكوبتر، التي ابتعدت بالفعل بمطاردة هليوكوبتر بداخلها المسئول الرسمي عن ملف مجرم القرن، فغمغم بكل ما يشتعل في أعماقه:
- خائن.
أما في داخل الهليوكوبتر، فقد هتف رياض في انبهار:
- كيف فعلتها؟!
صمت أكرم لحظات، قبل أن يغمغم في بطء:
- بالطريقة المعتادة.
لم تكن إجابة شافية، فتساءل رياض في حذر:
- هل واجهته؟!
خلع أكرم خوذة الفريق (أ)، وهو يجيب بنفس البطء:
- كانت مواجهة مدهشة.
كانت شفتاه تحملان ابتسامة ساخرة وهو يلقي إجابته الأخيرة، فتراجع في حركة حادة وهو يهتف:
- لست أكرم صدقي.
التفت إليه أكرم، وهو يقول وقد اتسعت ابتسامته الساخرة:
- هذا هو ما يطلقونه عليّ، منذ مولدي.
صاح رياض، وهو يستل مسدسه:
- أنت مجرم القرن.
وقبل أن يرتفع مسدسه، هوت قبضة مجرم القرن على فكه..
وبمنتهى القوة.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين أبريل 15, 2013 8:58 pm

(7) :
نفثت صوفيا جريشام دخان سيجارتها الرفيعة، في بطء واستمتاع، قبل أن تخفض عينيها إلى مستر زد، قائلة في ثقة ظافرة:
- هذا حقيقى يا مستر زد.. أكرم صدقي صار اليوم تحت سيطرتي الكاملة.
بدا الشك وعدم التصديق، وهو يتطلع إليها في صمت، طال حتى وجدت نفسها تضيف:
- الفكرة قفزت إلى ذهني عندما وقع في يدي ذلك الاختراع الفذ، لشريحة إلكترونية دقيقة، في حجم ميكروسكوبي، يمكن دفعها عبر إبرة محقن عادي، في عنق أي فرد عادي، فتصدر ذبذبات خاصة، تجعل عقله ملك يمينك، يطيع أوامرك، وينفذ ما تدفعه إليه، دون أن يدرك حتى أنه يفعل.
واصل مستر زد صمته لحظات، ثم تساءل في حذر:
- لماذا إذن ما زال يحتفظ بكل قدراته ومهاراته؟!
ابتسمت، وهي تنفث دخان سيجارتها مرة أخرى، ثم أجابت:
- وما حاجتي إليه، لو لم يملك كل هذا؟!
ثم مالت نحوه، مضيفة في حزم:
- العبقرية ليست في أن تقضي على قاهر المستحيل، بل في أن تجند كل قدراته لصالحك.
تراجع في مقعده، وهو يقول في اهتمام:
- وهذا ما يبدو لي ناجحا، حتى هذه اللحظة.
رفعت حاجبيها الجميلين وخفضتهما، وهي تقول:
- أرأيت!!
عاد يعتدل في حركة حادة، متسائلا في حزم:
- ولكن ماذا تستهدفين في النهاية؟! أن يصير مجرما؟!
هزت كتفيها، قائلة:
- لقد صار بالفعل.. ولقد رأيت بنفسك، كيف أنه قد صار مجرم القرن كما يصفونه، وليس مجرد مجرم عادي.
غمغم:
- هذا صحيح.
ثم استدرك في صرامة:
- ولكن هذا الهدف لا يفيدنا بشيء.
ابتسمت في ثقة، ولوحت بيدها الممسكة بسيجارتها، وهي تجيب:
- لقد أفادنا بالفعل.
وعادت تميل نحوه، مضيفة في ثقة:
- وستدرك هذا، بعد أقل من ساعة واحدة.
انعقد حاجباه في شدة، وهو يكرّر:
- أقل من ساعة واحدة؟!
اعتدلت في مقعدها، ونفثت دخان سيجارتها في بطء، وكأنها تتعمد أن تلهب أعصابه، قبل أن تقول:
- منذ قليل، نجح أكرم صدقي في اقتحام مدينة البحوث العلمية، وحصل على تصميمات أحدث سلاح إلكتروني، ابتكرته العقول المصرية، وهو قادر على إيقاف عمل كل الأجهزة الرقمية، في لحظة واحدة، بحيث يصبح عدوهم أعمى، لا يملك رادارا، أو أجهزة توجيه رقمية، أو حتى نظم تصويب إلكترونية، فلا يعود قادرا على رصد طائرات تتجه نحوه، أو التصدّي لها.. باختصار، هذا السلاح سيحوّل أية مواجهة بين المصريين وأي عدو لهم إلى مواجهة بين القرن الحادي والعشرين، والقرن التاسع عشر.
سألها مستر زد في انبهار:
- وهل خرج به من مدينة البحوث العلمية بالفعل؟!
ابتسمت ابتسامة كبيرة، وهي تقول:
- إننا نتحدث عن قاهر المستحيل سابقا، ومجرم القرن حاليا.
سألها في لهفة:
- ومتى نستطيع الحصول على تلك التصميمات؟!
أجابته في سرعة:
- لقد أخبرتك.
وعادت تنفث دخان سيجارتها الرفيعة، قبل أن تلقي ما تبقى منها إلى ركن الحجرة، مكملة، وعيناها الجميلتان تتألقان في ظفر:
- بعد أقل من ساعة واحدة:
وتضاعف انبهار مستر زد..
ألف مرة..
***
"هرب؟!"..
صرخ رئيس رياض بالكلمة، في غضب رهيب، في وجه المفتش رياض، الذي بدا في حالة مزرية، يمسك أنفه، الذي لم يتوقف عن النزيف، إلا منذ قليل، بعد لكمة أكرم القوية، فغمغم هذا الأخير، في ألم واضح:
- المفاجأة كانت أكبر من كل توقعاتي يا سيدي.. الرجلان نسخة طبق الأصل من بعضهما، وعندما غادرت ساحة القتال مع مجرم القرن، كنت أتصوّر أنني أغادرها مع أكرم صدقي الآخر، الذي أحضرناه من عالمه!
هتف رئيسه في غضب:
- بهذه البساطة؟!
هز رياض رأسه، مغمغما في أسى:
- مع الأسف.
انقلبت سحنة رئيسه في غضب شديد، وحدجه بنظرة نارية، ثم دفع قدميه دفعا؛ للعودة إلى خلف مكتبه، قبل أن يقول في عصبية:
- وماذا عن الآخر؟!
التقط رياض نفسا عميقا، قبل أن يقول:
- لا أحد يدري!
هتف به رئيسه مرة أخرى:
- ما الذي يعنيه هذا؟! رجلان داخل مدينة جديدة، يواجهان بعضهما بعضا، وكلاهما في مثل قدرات الآخر، وأحدهما عاد ظافرا، فأين ذهب الآخر؟! أهذا سؤال بهذه الصعوبة؟!
صمت رياض لحظات، قبل أن يجيب:
- قوات اللواء فتحي أعادت تمشيط المدينة الجديدة، وكل ما يحيط بها، مترا مترا، وشبرا شبرا، دون أن يسفر هذا عن العثور على أي مخلوق حي.
ضرب رئيسه سطح مكتبه براحته، وهو يقول في حدة:
- هذا يتعارض مع المنطق.
غمغم رياض، وكأنه يحادث نفسه:
- ومع الوقائع أيضا.
ران على كليهما صمت مهيب، قبل أن يسأل رئيسه مرة أخرى:
- وماذا عن قائد الهليوكوبتر؟! هل استجوبته بشأن ما حدث، بعد أن أفقدك مجرم القرن وعيك.
أومأ رياض برأسه إيجابا، قبل أن يقول:
- كل ما يعلمه هو أن مجرم القرن قد أجبره على الهبوط بالهليوكوبتر، خارج حدود تلك المدينة الجديدة، ثم استولى على الهليوكوبتر، وفر بها من المكان.
سأله رئيسه في سرعة:
- وماذا عن تقارير وحدات الرادار، ووحدات الدفاع الجوي؟!
أجابه رياض بنفس السرعة:
- الهليوكوبتر هبطت على بعد خمسة كيلومترات، من المدينة الجديدة، وتم العثور عليها قبل قليل، ولكن دون أن يعثروا على أي أثر لمجرم القرن، باستثناء بصماته داخلها.
تراجع رئيسه في مقعده، ولاذ بالصمت والتفكير لحظات، قبل أن يقول في عصبية:
- مهما كان أو حدث، فما زال السؤال الأساسي مطروحا.
وعاد يميل إلى الأمام، مضيفا:
- أين ذهب الآخر؟!
وكان هذا هو السؤال بالفعل..
أين ذهب أكرم صدقي؟!
أكرم عالمنا؟!
***
انطلقت تلك السيارة الرياضية الصغيرة، عبر شوارع القاهرة، متفادية مواقع أكمنة الشرطة، التي انتشرت في العديد من الشوارع، مسترشدة بجهاز تحديد مواقع عالمي GPS، من نوع خاص، تمت برمجته سلفا؛ ليقودها إلى نقطة بعينها، على أطراف مدينة القاهرة..
وفي داخلها بدا أكرم صدقي هادئا واثقا، وكأنما هو في نزهة جميلة، وليس شخصا مطلوبا، على أعلى درجة من الأهمية والخطورة، على مستوى مصر كلها..
وأمام منزل من طابقين، توقفت سيارة أكرم، وهبط هو منها بنفس الهدوء، وتلفت حوله، ثم اتجه نحو باب المنزل، وأخرج من جيبه بطاقة ممغنطة، مررها في جهاز صغير، إلى جوار الباب، فانفتح الباب في هدوء، ليعبره هو، ثم يغلق خلفه في إحكام..
ومع انغلاق الباب، أضيئت الأنوار على نحو تلقائي، وظهر رجل أصلع، ضخم الجثة، يقف في منتصف قاعة كبيرة، استقبل أكرم بابتسامة كبيرة، وهو يقول:
- نجحت كالمعتاد.
اكتفى أكرم بابتسامة هادئة، دون أن يجيب، فمد إليه الأصلع يده، قائلا:
- هل أحضرت المطلوب؟!
أجابه أكرم في هدوء:
- ومن أنت لأعطيك إياه؟!
بدا الأصلع غاضبا، صارما، وهو يقول في حدة:
- أنا من ينبغي أن تعطيني إياه.
ابتسم أكرم ابتسامة ساخرة، وهو يقول:
- وماذا لو رفضت؟! هل ستحاول الحصول عليه بالقوة؟!
قالها أكرم، وهو يضم قبضته، فتطلع إليها الأصلع لحظات، مستعيدا كل ما سمعه عن قدرات أكرم، وساد صمت ثقيل لحظات، ثم التقط الأصلع هاتفه الخاص، وطلب رقما قصيرا، ثم قال في صرامة وعصبية:
- إنه يرفض منحي ما جئت لأجله.
استمع إلى الطرف الثاني لحظات، ثم غمغم:
- فليكن.. سأنتظر.
قالها، وأعاد هاتفه إلى جيبه، ثم عقد كفيه أمامه، وتطلع إلى أكرم في اهتمام، فعاد أكرم يبتسم في سخرية، قائلا:
- هل تنتظر نجدة من السماء؟!
حاول الأصلع أن يبتسم، وهو يقول:
- بل من رأسك.
مع نهاية عبارته، انعقد حاجبا أكرم، وبدا وكأنه يعاني ألما ما، ثم لم يلبث أن رفع كفيه إلى رأسه، يمسكه بكليهما، وكأنه يحاول منعه من الانفجار، فاتسعت عينا الأصلع، وهو يقول:
- استسلم يا مجرم القرن.. لن تستطيع المقاومة طويلا.
بدا وكأنه على حق في قوله هذا، فقد تضاعفت ملامح الألم على وجه أكرم، وأحنى رأسه، وهو ما زال يمسكه بكفيه، وندت من بين شفتيه آهة ألم، جعلت الأصلع يقول في ظفر:
- ما رأيك في الحديث عن القوة الآن؟!
وفي هدوء، اتجه نحو أكرم، مضيفا:
- كان الأفضل لك أن تعطيني ذلك الشيء بنفسك، بدلا من أن أنتزعه من جثتك.
تعالت آهات الألم، من بين شفتي أكرم، والأصلع يقترب منه..
ويقترب..
ويقترب..
ومع ابتسامة واسعة كبيرة، مد يده إلى جيب أكرم، و..
وفجأة، قبضت يد أكرم على معصمه بأصابع من فولاذ، على نحو جعل الأصلع يرتجف في قوة، وتتسع عيناه عن آخرهما، مع ابتسامة أكرم الساخرة، وهو يعتدل بكل الحيوية والنشاط، قائلا:
- بمناسبة الحديث عن القوة.
وكانت مفاجأة..
مذهلة.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 17, 2013 5:10 pm

(8) :
أين اختفى أكرم؟!
كاد عقل المفتش رياض يشتعل وهو يطرح السؤال على نفسه للمرة الألف، بعد أن انتهى اللواء فتحي ورجاله من تفتيش كل شبر في المدينة الجديدة القريبة من مدينة البحوث العلمية، وفحص كل ما يحيط بها، دون العثور على أدنى أثر للمفقود..
أكرم صدقي عالمنا..
ومجرم القرن عالمهم، لم يعثر له أحد على أدنى أثر، ولم يقدم على أي خطوة جديدة منذ فر بهليوكوبتر الشرطة..
وبهذا تضاعف الغموض ألف مرة..
أو يزيد..
وبينما هو غارق في أفكاره وأسئلته، طرق مساعده على الباب ثلاث مرات، فلما لم يتلق جوابا دفع الباب في حذر، وارتفع حاجباه في دهشة عندما شاهد رياض يجلس بالقرب من نافذة حجرته، دون أن يشعر حتى بقدومه، فتنحنح مرتين قبل أن يقول في صوت خافت، وكأنه يخشى اقتحام خلوته:
- سيدي المفتش.
انتفض جسد رياض انتفاضة خافتة لم تخطئها عينا علي، قبل أن يلتفت إلى هذا الأخير، قائلا في توتر:
- ماذا هناك؟!
غمغم علي، وهو يدخل إلى الحجرة، في خطوات مترددة:
- يبدو أن مجرم القرن قد قرر التحوّل إلى العالمية، يا سيادة المفتش.
أثارت العبارة رياض في شدة، فاستدار إليه بجسده كله، وهو يقول في عصبية:
- من أين جئت بهذا؟!
أشار علي بيده، مجيبا:
- لقد غادر إلى روما، في طائرة السابعة صباحا.
هتف المفتش رياض بكل انفعاله:
- ماذا؟! أي قول أحمق تقوله بهذه البساطة يا علي؟! كيف يمكن لرجل، يحفظ كل رجل أمن في مصر صورته عن ظهر قلب، أن يغادر البلاد دون أن يستوقفه شخص واحد؟!
أجابه علي، في سرعة وتوتر:
- لم يكن من الممكن أن يوقفه أحد يا سيدي.
صرخ رياض:
- ولماذا؟! هل اختطف الطائرة بالقوة؟!
تراجع علي خطوة، وكأنه يخشى غضبه، وهو يجيب متوترا:
- كلا بالتأكيد يا سيادة المفتش، ولكنه غادر بهوية شخص آخر.
هبّ رياض من مقعده، هاتفا:
- مستحيل! لا يمكن لشخص أن يغادر دون فحص بصماته، و..
قاطعه علي بكل توتره:
- لقد اجتاز كل إجراءات الأمن يا سيدي.
صدم الجواب رياض، فتجمد في مكانه لحظة قبل أن يكرر في ذهول:
- مستحيل!
ازدرد علي لعابه قبل أن يقول، وقد تضاعف توتره:
- الأهم أنه قد غادر بهوية شخص، ليس من السهل استيقافه، أو الشك في أمره:
تساءل رياض في صوت مبحوح:
- رئيس الجمهورية؟
ازدرد علي لعابه مرة أخرى، قبل أن يجيب بكل التوتر:
- بل أنت يا سيادة المفتش.. غادر بهويتك أنت.
واتسعت عينا رياض، بكل ذهول الدنيا..
وعلى الرغم من هذا، كان اتساع عينيه هو أقل مما يشعر به في أعماقه..
بكثير..
***
انعقد حاجبا صوفيا جريشام في توتر شديد، وهي تحاول للمرة العاشرة، الاتصال برجلها الضخم ريكو، الذي كان من المفترض أن يتسلم برنامج الشلل الكهرومغناطيسي، الذي استولى عليه أكرم، من معامل مدينة البحوث العلمية في مصر..
كان آخر ما نعلمه، هو أنه قد التقى بـأكرم بالفعل، في مكان اللقاء المتفق عليه..
وأن أكرم كان يرفض تسليمه البرنامج..
حتى أطلقت هي تلك الإشارة، التي تتصل بالشريحة الميكروسكوبية، المزروعة في جسد أكرم، والتي تجبره على طاعة أوامرها، على الرغم منه..
بعدها انقطع الاتصال، بينها وبين هاتف ريكو تماما..
وهذا يثير قلقها وتوترها..
وبشدة..
وعلى الرغم من أنها تبغض هذا في شدة، لكنها -ومع توترها الشديد- التقطت هاتفها المحمول، وطلبت رقما خاصا، لم تكد تسمع صوت صاحبته، حتى قالت محاولة التظاهر بالتماسك:
- دونا كاترينا.. كيف أنتِ اليوم؟!
آتاها صوت دونا كاترينا، زعيمة المافيا الإيطالية، محملا برنة ساخرة تبغضها، وهي تقول:
- لست أظنّك تجرين هذا الاتصال، فقط لسؤالي عن يومي يا صوفيا.
حاولت كتمان ذلك الغضب الذي يشتعل في أعماقها، إلا أنها خلّفت بعض التوتر في نبراتها، وهي تقول:
- هل من أخبار عن ريكو؟! هل عاد من مصر؟!
صمتت دونا كاترينا لحظات، قبل أن تسأل في جدية:
- لم أتلق منه أي اتصالات، منذ بدأ العمل لحسابك يا صوفيا.. ولست أدري حتى لماذا أرسلته إلى مصر، ولا ماذا يفعل هناك.. فوفقا لاتفاقنا المفترض أن تكون اتصالاته معك فقط، مقابل ما اتفقنا عليه.
لم تجب صوفيا تساؤلاتها، فأضافت دونا كاترينا في شيء من الصرامة:
- وما زلت أتساءل: لماذا استعنت بأحد رجالي، دون أي شخص من رجالك، الذين يفترض أنهم أكثر احترافا؟!
أجابتها صوفيا، في شراسة نابعة من عصبيتها:
- اتفقنا على أن أخبرك بكل شيء فور انتهاء العملية، ثم أنك قد تقاضيت ما يكفي للامتناع عن السؤال.
هتفت بها دونا كاترينا في غضب:
- ماذا كنت تتصوريني يا صوفيا؟ زعيمة وكالة لتأجير العملاء والقتلة المحترفين، مقابل أجر مجزٍ؟! إنني لم أتعاون معك مقابل حفنة من ملايين الدولارات، يمكنني حصدها عبر مئات المشاريع التي تديرها المافيا في مختلف أنحاء العالم خلال أسبوع واحد.. لقد تعاونت معك لأن تعاوننا سيصنع منا قوة، لا قِبَل لأي كيان بالوقوف أمامها أو التصدي لها.
أجابتها صوفيا في عصبية:
- وهذا ما أسعى إليه أنا أيضا يا دونا صدقيني، ولكن العملية تمر الآن بأدق مراحلها، واختفاء ريكو في هذه المرحلة بالتحديد يورثني حالة من العصبية، ربما كانت المسئول الأول عن طريقة حديثي معك.
ران الصمت لحظات على خطوط الهاتف، قبل أن تقول دونا كاترينا، وقد استعادت تماسكها:
- فليكن يا صوفيا.. سأواصل اتفاقنا بنفس الشروط، ولكنني سألزمك بكل التفاصيل، عقب انتهاء تلك العملية، التي تتحدثين عنها.
سألتها صوفيا، عاجزة عن كتمان توترها:
- وماذا عن ريكو؟!
مضت لحظة صمت أخرى، قبل أن تجيب دونا:
- سأحاول معرفة أي تفاصيل بشأنه.
أجابتها صوفيا في توتر:
- فليكن.
ثم أنهت المحادثة على الفور، وهي تغمغم في مقت:
- فلتتم العملية أولا، ثم لتذهبي بعدها إلى الجحيم، أنت ومنظمتك كلها يا كاترينا.
قالتها وألقت هاتفها المحمول على المائدة، وتراجعت في مقعدها، والتوتر ما زال يملأ كل خلية من خلاياها، والسؤال ما زال يطرح نفسه على عقلها في إلحاح مؤلم..
أين ريكو الآن؟!
أين؟!
***
غادر القاهرة صباح اليوم..
قالها نائب مدير المخابرات العمومية في العالم الموازي، فرفع إليه مدير المخابرات العمومية عينيه، وهو يتساءل:
- هل حصلتم على معلومات كافية بشأنه؟!
أومأ النائب برأسه إيجابا، وهو يجيب:
- اسمه ريكو باريللي، عضو نشط، في منظمة المافيا الإيطالية، ولكنه يعمل لحساب جهة أخرى، بأوامر من دونا كاترينا زعيمة المنظمة، ومعلوماته عن تلك الجهة الأخرى محدودة، ولا يملك سوى رقم هاتف، ينبغي الاتصال به عند الضرورة.
تراجع مدير المخابرات في مقعده، واستغرق في التفكير لحظة، قبل أن يقول، وكأنه يحادث نفسه:
- ما زال هناك ما ينقصنا إذن..
أجابه نائبه في اهتمام:
- ولكننا نسير في خطوات سليمة يا سيادة الوزير.
أومأ المدير برأسه، قائلا:
- سليمة ولكن بطيئة.
غمغم النائب:
- المهم أن تكون ناجحة يا سيادة الوزير.
مرة أخرى، أومأ المدير برأسه إيجابا، قبل أن يعتدل جالسا، وهو يقول في حزم:
- الأمر هذه المرة شديد الأهمية والخطورة، والهدف يستحق الجهد والعرق والتضحيات، ولكننا إذا ما بلغناه فسيساوي هذا الثمن الذي ندفعه بالتأكيد.
عاد النائب يغمغم:
- بالتأكيد يا سيادة الوزير.. بالتأكيد.
غرق مدير المخابرات العمومية في صمته وتفكيره بعض الوقت، قبل أن يقول:
- عموما، أنت تعرف القواعد.. في المرحلة التالية سنلتزم تماما الصادين اللذين نؤمن بهما: الصمت والصبر.
ابتسم نائبه دون أن يجيب، ولكن المدير لم يبادله الابتسام، وإن همّ بقول شيء ما، عندما ارتفع رنين الهاتف المجاور له، فالتقطه بحركة آلية، قائلا:
- ماذا هناك؟!
أتاه صوت مدير أمن مبنى المخابرات العمومية، وهو يقول:
- هناك زائر بلا موعد، يصر على مقابلتك شخصيا يا سيادة الوزير، ويقول إنه أمر عاجل يخص الأمن القومي.
انعقد حاجبا المدير، وهو يتساءل:
- ومن يكون هذا الزائر؟!
ازداد انعقاد حاجبيه، عندما أخبره مدير الأمن باسم الزائر..
فبكل المقاييس كانت زيارة غير متوقعة..
على الإطلاق..
***
ألقت صوفيا جريشام سيجارتها الرفيعة أرضا، وسحقتها بقدمها في حدة، قبل أن تنفث دخانها في عصبية، وتقول لقائد حراسها:
- كيف لم تعثروا على هذا الخرتيت؟! المفترض أنكم مدربون على عمليات البحث والاستطلاع، فكيف تعجزون عن العثور على شخص بهذا الحجم؟!
أجابها قائد حراسها في توتر:
- هاتفه لا يعمل أيتها الزعيمة، والوسيلة الوحيدة لتعقبه عبر الأقمار الصناعية هي أن يعمل، ولو لحظة واحدة.
قالت في عصبية:
- المفترض أنكم تستطيعون هذا، حتى ولو أغلق هاتفه.
أجابها، في توتر أكثر:
- إلا لو انتزع البطارية منه أيتها الزعيمة.
أشعلت سيجارة أخرى في توتر مضاعف، ونفثت دخانها بكل العصبية، قبل أن تقول:
- هل فقدنا أثره إذن؟
قلب الرجل كفيه في استسلام عصبي، ثم قال في سرعة، عندما لمح الغضب في عينيها:
- ربما لو..
قاطعته في حدة:
- لا يوجد ربما.
تراجع قائد الحراس في قلق، فصرخت فيه:
- اعثروا عليه.. وبأي ثمن.
أسرع ينصرف، وهو يتساءل: كيف يمكنهم العثور على رجل، لا توجد أي وسيلة لتحديد موقعه؟! أما هي فقد عادت تنفث دخان سيجارتها، في مزيد من العصبية والغضب، وعقلها يشتعل في شدة..
وفي أعماق عقلها الملتهب، انطرح سؤال مخيف..
ماذا لو أن ريكو قد حصل على البرنامج بالفعل، ولكنه لا ينوي العودة به إليها؟!
ماذا لو أنه أدرك قيمته، وقرر الاحتفاظ به، والمقايضة عليه؟!
برنامج كهذا يساوي المليارات..
هذا لو أدرك خرتيت مثل ريكو ماهيته..
وأهميته..
وخطورته..
ووفقا للتقييم الخاص به، فمن المستحيل أن يدرك هذا وحده..
ولكن ماذا لو أن دونا كاترينا هي من وراء هذا؟!
ماذا لو أنها أخلّت بالاتفاق، و..
قبل أن تتم تساؤلها الأخير، ارتفع رنين هاتفها الخاص، فالتقطته في سرعة، ورأت اسم دونا على شاشته، فأسرعت تضغط زر الإجابة، وهي تقول في حذر:
- هل من جديد يا دونا؟!
أتاها صوت دونا كاترينا حازما، وهي تقول:
- صوفيا.. لقد عثرنا على ريكو.
انتفض جسد صوفيا جريشام في قوة..
فقد حطم هذا كل تصوراتها..
تماما.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالسبت أبريل 27, 2013 9:01 pm

(9) :
لثوانٍ، وفي هدوء شديد، لا يعكس ما يعتمل في أعماقه، جلس مدير المخابرات العمومية، للعالم الموازي، يتطلّع إلى المفتش رياض الذي بدا على عكسه شديد التوتّر، يفرك كفيه في عصبية، وإن ظلّ مثله صامتا، حتى قطع مدير المخابرات حالة الصمت المهيبة، وهو يقول:
- ليس مِن التقليدي أن أستقبل بنفسي زائرا دون موعد سابق، ولكن دعني أسألك: بمَ يمكن أن أخدمك أيّها المفتش رياض؟!
تنحنح المفتش رياض كعادته، قبل أن يقول في لهجة عكست توتّره:
- ما جئت من أجله ليس تقليديا يا سيادة الوزير، ولكنني أؤمن بأنني لن أجد الجواب سوى هنا.
تراجع مدير المخابرات العمومية في مقعده في بطء، وهو يسأله بنفس الهدوء:
- وعن جواب أي سؤال تبحث بالضبط؟!
بدا وكأن هذا السؤال الأخير قد أطلق لسان المفتش رياض مِن عقاله؛ فاندفع يقول في انفعال:
- صباح اليوم، نجح مجرم القرن في مغادرة مصر، منتحلا شخصيتي.
قال المدير في خفوت، وهو يشبك أصابع كفيه أمام وجهه:
- علمنا هذا.
تابع رياض، وكأنه لم يسمعه:
- العجيب أنه قد تجاوز كل إجراءات الأمن، حتى فحص ومراجعة البصمات، وكان تنكّره متقنا إلى حدّ مذهل.
صمت المدير لحظة، ثم قال:
- نحن على معرفة كاملة بقدراته؛ فقد كان أحد رجالنا كما تعلم.
هزّ رياض رأسه بلا معنى، وتنحنح مرتين، وكأن هذا وسيلته لمقاومة توتره، ثم قال:
- هذا أعلمه جيّدا، ولكنني أعلم أيضا أن بعض الأمور لا يمكن لفرد وحده القيام بها، و...
بتر عبارته في ارتباك شديد، فران على مكتب المدير صمت جديد، استغرق بضع ثوانٍ، قبل أن يتساءل المدير في بطء:
- وماذا؟!
اندفع رياض مرة أخرى، يقول في توتر:
- ولا بد وأن تدعمه جهة ما، بكل ما تملك من إمكانيات.
مرة ثالثة، خيّم صمت مهيب على المكان، رمق المدير خلاله المفتش رياض بنظرات ثاقبة، قبل أن يعتدل بحركة مفاجئة، متسائلا في صرامة:
- ما الذي ترمي إليه بالضبط أيّها المفتش؟!
تنحنح رياض بكل توتره هذه المرة، وهو يقول:
- كنت أبحث عن الجواب هنا يا سيادة الوزير.
عاد المدير يتراجع في مقعده، ويرمقه بنفس النظرات الثاقبة التي زادت من توتره، وجعلته يسعل بدلا من أن يتنحنح؛ فقال المدير في صرامة:
- لست أظنّك تجد جواب سؤالك هنا أيها المفتش.
قال رياض في عصبية:
- بل أظنّ الجواب هنا بالفعل يا سيادة الوزير، ولكنّ أحدا لا يريد الإفصاح عنه..
بدا المدير أشدّ صرامة، وهو يقول:
- عملنا هنا لا يعتمد على منح الأجوبة أيّها المفتش.
ثم نهض واقفا، وهو يضيف، وكأنما يعلن انتهاء المقابلة:
- ولكننا قد نجيب تساؤلك، عندما نتوصّل إلى الجواب.. تشرّفنا بزيارتك.
نهض رياض بدوره، وهو يتنحنح على نحو متصل، قبل أن يقول في عصبية:
- قبل أن أنصرف، أحب أن أنقل لسيادتك شعورا يعتريني يا سيادة الوزير.
سأله المدير في صرامة:
- أي شعور هذا؟!
استند رياض براحتيه على سطح مكتب المدير، ومال نحوه، قائلا في حزم، لم يخلُ من لمحة عصبية:
- فكرة تحوّل أكرم صدقي من رجل مخابرات فذ، إلى مجرم القرن، لم تنجح في إقناعي قط.
قالها، واعتدل في حزم، متبادلا نظرة قوية مع مدير المخابرات العمومية، قبل أن يستدير ويغادر المكتب في خطوات ثابتة..
ومع انصرافه، عاد نائب المدير إلى المكتب، وتبادل مع المدير نظرة صامتة، حملت الكثير من المعاني..
والكثير جدا..
جدا..
***
انعقد حاجبا صوفيا جريشام الجميلين في شدة، وهي تتطلّع إلى ريكو الراقد على فراش طبي، في المستشفي الذي تملكه دونا كاترينا في روما، وقد بدا زائغ النظرات إلى حدّ كبير، ودونا كاترينا تقول في اهتمام:
- عاد من مصر، على هذا النحو الذي ترينه، وبَقِي جالسا في مطار روما، لا يدري من هو، ولا أين ينبغي أن يذهب.
سألتها صوفيا، وهي تُشعل سيجارتها في عصبية، على الرغم من اللافتات التي تمنع التدخين في المكان:
- ماذا أصابه بالضبط؟!
هزّت دونا كاترينا رأسها نفيا، وهي تمدّ يدها لتنتزع السيجارة من بين شفتَي صوفيا، وتناولها إلى أحد رجالها، مجيبة:
- كل ما يذكره أنه قد فَقَد وعيه داخل المنزل الذي أرسلته إليه في مصر، وعندما استعاده، وجد نفسه وحيدا هناك، وفي جيبه جواز سفره، وتذكرة عودة إلى روما، في الصباح التالي الذي كان قد اقترب بالفعل، فما كان منه إلا أن استقلّ سيارة أجرة إلى المطار، وعاد إلى هنا، وهو لا يذكر ما الذي ينبغي أن يفعله بعد وصوله!
سألتها صوفيا، وهي تحاول إشعال سيجارة أخرى:
- وماذا عن البرنامج؟!
استوقفتها دونا كاترينا في صرامة:
- ألا تجيدين قراءة الإيطالية؟!
أجابتها صوفيا في عصبية شديدة:
- التدخين يُساعد على تهدئة أعصابي، والمفترض أنك تملكين المكان، و...
قاطعتها دونا في صرامة شديدة:
- ولكنني لست مستعدّة للدخول في مشكلات تافهة، مع الإدارة الصحية التابعة للحكومة.
مطّت صوفيا شفتيها في حنق؛ فأردفت دونا في صرامة:
- ثمّ عن أي برنامج تتحدّثين؟!
أشاحت صوفيا بوجهها، قائلة في حدة:
- اتفقنا على أن أخبرك بكل شيء بعد أن تنتهي العملية.
قالت دونا بنفس الصرامة:
- وماذا لو أن هذا لم يعد يرضيني؟!
قالت صوفيا في حدة أكثر:
- عليك التعايش مع هذا إذن.. الاتفاق هو الاتفاق.
نطقتها، ثم دفعت الباب الزجاجي لحجرة ريكو، واندفعت نحو هذا الأخير، تسأله في غضب:
- أين البرنامج؟!
تطلع إليها ريكو في ذعر يمتزج بالحيرة، وهو يتساءل:
- أي برنامج؟!
صاحت به في حدة:
- البرنامج الذي أرسلتك لإحضاره من مصر.
تواصلت الحيرة المطلّة من عيني ريكو لحظات، قبل أن يغمغم:
- أذكر شيئا عن هذا.. ولكن..
قاطعته بنفس الحدة:
- لا يوجد لكن.. هذا البرنامج يساوي حياتك.. هل تفهم؟!
تضاعف الذعر، في ملامحه وعينيه، وهو يقول:
- ولكنني لست أذكر شيئا.. أقسم لك.
اعتدلت في حركة حادة، قائلة:
- لست أصدّقك.
هتف في ذعر:
- ولكنني أقسم..
قاطعته دونا كاترينا هذه المرة، وهي تقول في صرامة:
- لا تحاول يا ريكو.. لن تصدّقك، مهما قلت أو فعلت.
امتزج ذعره بحيرته، وهو ينقل بصره بين المرأتين، فأضافت دونا بكل صرامة:
- ولكن هناك وسيلة لحسم هذا.
سألتها صوفيا في عصبية:
- وكيف يمكن حسم أمر كهذا؟!
أجابتها دونا في حزم:
- جهاز كشف الكذب.. ألديك أي اعتراض على هذا يا ريكو؟!
واتسعت عينا ريكو، وتضاعف الذعر في ملامحه وعينيه..
ولكن دون أن يجيب..
على الإطلاق..
***
"هذا خطأ.."
قالها الدكتور راضي شقيق رياض، في توتّر شديد، جعل هذا الأخير يسأله في عصبية واضحة:
- ماذا تعني؟! ألا توجد وسيلة واحدة للتفرقة بين سكان هذا العالم، وسكان العالم الموازي، الذي أحضرنا منه أكرم الآخر؟!
تطلّع إليه راضي بضع لحظات في حيرة، وكأنه لم يفهم السؤال، قبل أن يهز رأسه في قوة، مجيبا:
- بالطبع توجد وسيلة.
وتحوّلت لهجته فجأة إلى الحماس العلمي الشديد، وهو يضيف:
- العوالم المتوازية السبعة، تشترك كلها في مساحة كونية واحدة، ولكن لكل منها ذبذبة خاصة، تجعله غير مرئي وغير محسوس، بالنسبة للعوالم الأخرى، تماما مثل الموجات الرقمية الفائقة التي تحتلّ كلها حزمة ترددات واحدة، ولكن لا تتداخل موجة منها مع الأخرى أبدا.
لم يستوعب رياض كل هذه المصطلحات العلمية؛ فقال بنفس العصبية:
- ثم ماذا؟!
لوّح راضي بيديه في حماس، متابعا:
- وباستخدام مقياس طيفي ذبذبي ذي طبيعة خاصة، يمكنك أن ترى أي مخلوق، قادم من عالم مواز، وكأنما تحيط به هالة خاصة، يتغيّر لونها، كلما اقترب موعده.
ردّد رياض في عصبية حائرة:
- موعده؟!
أومأ راضي برأسه إيجابا، وهو يقول:
- بالطبع... عند وصوله إلى عالمنا، تحيط به هالة بيضاء اللون، تتحوّل بعد أربع وعشرين ساعة إلى اللون البرتقالي، ثم تتحوّل إلى اللون الأحمر، خلال الأربع وعشرين ساعة التالية، وهذا يعني أن ذرات جسده ستتفكّك، إن لم يعد إلى عالمه، قبل مضي ثلاث ساعات، وإلا لتحوّل لون الهالة إلى الرمادي، وانهارت خلاياه دفعة واحدة.
اتسعت عينا رياض لحظات، قبل أن يتساءل:
- وأين هو ذلك المقياس الطيفي الذبذبي؟!
أشار راضي إلى جهاز كبير، وهو يجيب:
- ها هو ذا.
حدّق رياض في الجهاز الضخم لحظة، قبل أن يستعيد عصبيته، قائلا:
- وكيف يمكن أن يفيدني جهاز في حجم ثور؟!
أومأ راضي برأسه، قائلا:
- آه... تقصد وسيلة صغيرة متنقّلة.
هتف رياض في عصبية:
- بالضبط.
أومأ راضي برأسه متفهّما، واستدار يلتقط منظارا كبيرا، داكن العدسات، ويناوله إياه، قائلا:
- هذا سيؤدّي الغرض.. فقط اضغط الزر الأصفر، وسيعمل بكفاءة.
اختطف رياض المنظار في لهفة، وهو يقول:
- فقط اضغط الزر الأصفر.
ابتسم راضي، هو يقول:
- بالضبط.
تهلّلت أسارير راضي لحظات، ثم عاد إليها التوتر، وهو يسأل:
- ولكن مهلا.. إنك تتحدّث عن ثلاثة أيام، وليس أربعة، كما أخبرتني في البداية!
عقد راضي حاجبيه، وهو يقول:
- بل يومين وثلاث ساعات بالتحديد.. هذا هو الخطأ الذي كنت أخبرك عنه، قبل أن تجرني إلى الحديث عن المقياس الطيفي الذبذبي.. أي كان نحضره إلى عالمنا، من عالم موازٍ، يتفكّك كيانه تماما، لو بَقِي في عالمنا لأكثر من خمسين ساعة.
واتسعت عينا رياض عن آخرهما..
فما قاله شقيقه، يعني أن ساعات أكرم صدقي عالمنا تتناقص في سرعة..
وأن حياته صارت في خطر..
خطر بلا حدود،،،
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالجمعة مايو 03, 2013 1:51 pm

(10) :
سعل ريكو مرتين في توتر، ورجال دونا كاترينا يوصّلون أسلاك جهاز كشف الكذب بصدره ورأسه وسبابته، ونفثت صوفيا دخان سيجارتها، وهي تسأله في صرامة:
- متوتر.. أليس كذلك؟!
أجابها في عصبية واضحة:
- أكنتِ ستبقين هادئة في موقف كهذا؟!
سحبت نفسا كبيرا من سيجارتها الرفيعة، ونفثته في الهواء في قوة، قبل أن تُجيب:
- لو أنني لا أخفي شيئا.
مط شفتيه الغليظتين، مغمغما:
- هراء!
رمقته بنظرة غاضبة، ثم أشارت إلى الفني الذي يجلس أمام الجهاز، والذي سأله في هدوء:
- اسمك ريكو؟!
سحب ريكو نفسا عميقا، وأجاب:
- نعم..
أشارت مؤشّرات الجهاز إلى صدق إجابته؛ فأضاف الفني:
- وجنسيتك فرنسية؟!
أجاب ريكو في سرعة:
- بل إيطالية.
مرة أخرى أشارت المؤشّرات إلى صدق الإجابة؛ فصمت الفني لحظة ثمّ قال في حزم:
- السؤال التالي أريدك أن تُجيب عنه إجابة خاطئة.
بدا التوتّر على وجه ريكو، ورفع عينيه إلى دونا كاترينا التي أومأت برأسها إيجابا؛ فقال الفني بعدها:
- أيبلغ طولك مترا واحدا؟!
بدا الغضب على وجه ريكو، وتطلّع مرة أخرى إلى دونا التي عاودت الإشارة برأسها إيجابا، فأجاب هو في توتر:
- نعم.
أشارت مؤشرات الجهاز إلى خطأ الإجابة؛ فالتقطت صوفيا نفسا آخر مِن سيجارتها، وسألته في صرامة:
- هل حصلت على البرنامج من المصري؟!
أجاب ريكو في اندفاع:
- لا.. أقسم إن....
قاطعته دونا بإشارة صارمة مِن يدها، في حين أشارت المؤشرات إلى صدق الإجابة؛ فانعقد حاجبا صوفيا في شدة، وهي تغمغم في عصبية:
- مستحيل!
رفع الفني عينيه إليها؛ قائلا في حزم:
- الجهاز لا يخطئ..
ازداد انعقاد حاجبيها، وعادت تنفث دخان سيجارتها في قوة؛ فهتفت بها دونا في حدة:
- أطفئي هذه السيجارة فورا.
ألقت صوفيا سيجارتها في حدة، وسحقتها بقدمها في عنف، وهي تقول في غضب:
- الأمر أخطر مِن أن نأخذ قوله على علاته، على هذا النحو من الاستسلام.
كرّر الفني في شيء من الغضب:
- الجهاز لا يخطئ.
صاحت به في حدة:
- هذا ما تتصوّره.
كانت تهم بإطلاق المزيد من الصراخ في وجهه، عندما ارتفع رنين هاتفها الخاص فجأة؛ فالتقطته في سرعة، وعاد حاجباها ينعقدان في شدة، وهي تلقي نظرة على شاشته، قبل أن تلتفت إلى ريكو في حدة، قائلة:
- إنه هاتفك.
انعقد حاجبا ريكو في توتّر شديد، في حين ضغطت هي زر الاتصال، دون أن تنبس ببنت شفة، فأتاها صوت ساخر مألوف، يقول:
- كنت واثقا من أنك ستجيبين يا صوفيا.
كاد حاجباها الجميلان يلتحمان من شدة انعقادهما، ووجها الفاتن ينفجر مِن شدة ما أصابه من احتقان..
فصاحب الصوت كان هو نفسه أكرم..
أكرم صدقي..
مجرم القرن..
شخصيا..
***
إنه أكرم صدقي..
قالها خبير المعمل الجنائي في حسم وحزم؛ فانعقد حاجبا المفتش رياض في شدة، وهو يسأله في توتر:
- أأنت واثق من هذا؟!
أجابه خبير المعمل الجنائي في ثقة:
- دون أدنى شك.. البصمة الجينية لبقعة الدم التي عثر عليها رجال اللواء فتحي في الطرف البعيد للمدينة الجديدة، تنطبق بنسبة مائة في المائة، مع تلك الموجودة في ملف العميد أكرم صدقي، والتي زودتنا بها المخابرات العمومية.
صمت رياض لحظات لاستيعاب الأمر، قبل أن يسأل في قلق:
- وما الذي يمكن أن يشير إليه هذا؟!
هزّ الخبير كتفيه، مجيبا:
- أن بقعة الدم تخصّه.
هتف رياض مستنكرا:
- أي جواب هذا؟!
أجابه الخبير في سرعة:
- آه.. لو أنك تقصد سبب وجودها؛ فهذا أمر قد يجيب عنه خبراء مسرح الجريمة الذين يفحصون المكان، ويلتقطون الدلالات منه، أمّا بالنسبة لنا؛ فكل ما يعنيه هذا هو أن عميد المخابرات العمومية السابق، قد نزف بعض الدم هناك.
استعاد رياض تقرير خبراء مسرح الجريمة، والذي أشار إلى حدوث مشاجرة ما في نفس المكان الذي تمّ العثور على بقعة الدم فيه، وهو يغمغم متوتّرا:
- إذن فأحدهما قد نزف دمه.
لم يفهم خبير الآلة الجنائية ما يعنيه هذا؛ فمال برأسه متسائلا:
- أحدهما؟!
أشار إليه رياض بيده في صرامة، وهو يقول:
- ربما أخطأت المصطلح يا هذا.
مع قوله، قفزت إلى ذهنه فكرة مخيفة؛ فلاذ بالصمت لحظات ثم قال في حزم:
- هل يمكنني رؤية الدم الذي قمت بتحليل بصمته الجينية؟!
مرة أخرى لم يفهم خبير الأدلة الجنائية، ولكنه هزّ كتفيه، قائلا:
- بالتأكيد.. ولكنها كمية قليلة، ولن تختلف نتائج فحصها عن النتيجة التي توصّلنا إليها هنا.
كرّر رياض في حزم وصرامة:
- هل يمكنني رؤيتها؟!
مطّ الخبير شفتيه، وهز كتفيه، ثم اتجه إلى براد ذي واجهة، والتقط فيها قنينة صغيرة، وصنعها أمام رياض الذي أسرع يفتح حقيبته، ويلتقط منها ذلك المنظار ذا العدسات الداكنة، والذي أعاره إيّاه شقيقه راضي، ووضعه على عينيه؛ فسأله الخبير في حيرة:
- ما هذا الشيء بالضبط؟!
ولم يجِبه رياض..
أو لم يستطِع إجابته..
فحول القنينة الصغيرة، ومن خلال عدسات المنظار الخاص، كانت هناك هالة حمراء نصف داكنة..
هالة تعني أنه يتطلّع إلى دماء أكرم صدقي الحقيقي..
أكرم صدقي عالمنا..
مباشرة..
***
لثوانٍ، ألجمت المفاجأة لسان صوفيا، وبدا الأثر واضحا على ملامحها، حتى أن دونا كاترينا سألتها في قلق:
- ماذا هناك؟!
أشارت إليها صوفيا بالصمت، وهي تحلّ في صعوبة عقدة لسانها، قائلة:
- كان المفترض أن تقوم بتسليم البرنامج لعميلي يا أكرم.
نقل إليها الهاتف ضحكة ساخرة، طالما استفزتها، قبل أن تسمعه يقول:
- بهذه البساطة؟! برنامج دفاعي يساوي المليارات، تريدين الحصول عليه بكبسة زر.
قالت في حدة شرسة:
- أنت تعلم أنك غير قادر على مخالفة أوامري.
أجابها بنفس السخرية:
- هراء.. أعلم أنك تستطيعين التحكّم في عقلي مِن بعيد يا صوفيا، ولكنك عندما قمت بحساب الأمر، تجاهلت نقطة شديدة الأهمية.
لم تحِرْ جوابا، في انتظار أن يُكمل حديثه، وأدرك هو هذا، فتابع في صرامة، خلت من السخرية:
- الإرادة يا صوفيا.. الإرادة البشرية التي تفوق أي جهاز إلكتروني مهما بلغت قوته.
قالت في حدة:
- مستحيل!
استعاد ضحكاته الساخرة، قبل أن يقول:
- لماذا إذن كانوا يلقّبونني بـ"قاهر المستحيل"، أيام دفعتني الحماقة إلى المجازفة بحياتي طوال الوقت، من أجل راتب هزيل؟!
عضت شفتها السفلى لحظة، ثم قالت في غل:
- يبدو أنني قد صنعت وحشا.
أجابها في استهتار:
- بل صنعت منافسا قويا يا عزيزتي صوفيا.. والمنافس القوي لا يتنازل عن صفقة العمر لمنافسيه.. أليس هذا ما تقتضيه أصول اللعبة؟!
عادت تعضّ شفتيها في حنق، قائلة في عصبية:
- لا توجد منافسة من الأساس يا أكرم.. برنامج كهذا، ليس من السهل بيعه، دون أن تلاحقك مخابرات العالم كله.
مرة أخرى أطلق ضحكة ساخرة، قبل أن يقول:
- ولكنني عثرت على مشترٍ بالفعل يا صوفيا.
وقسا صوته، وهو يضيف في صرامة:
- مستر زد شخصيا.
كادت أصابعها تعتصر الهاتف، وهي تصرخ:
- مستحيل!!
جاوبتها ضحكة ساخرة عالية، قبل أن ينهي المحادثة، تاركا عقلها ملتهبا كالحمم..
أو أكثر لهيبا..
ألف مرة..
***
"لا يوجد تفسير آخر...".
قالها رئيس رياض في توتر شديد، جعل جسد هذا الأخير يرتجف مع تلك القشعريرة الباردة كالثلج، والتي سرت في جسده كله، من قمة رأسه، وحتى أخمص قدميه، وعندما حاول أن يقول شيئا، اختنقت الكلمات في حلقه، فسعل وتنحنح، ثم قال في صوت مبحوح، يموج بكل الانفعال:
- ربما هناك تفسير آخر.
ضرب رئيسه سطح مكتبه براحته، قائلا:
- إليّ به.
قلب رياض كفيه في حيرة وتوتر، دون أن يجد جوابا، فتابع رئيسه بكل توتره:
- الأمر أوضح من أن تجد له تفسيرا آخر.. أكرم صدقي العالم الآخر وثب من الهليكوبتر ليواجه مجرم القرن، ثم عاد مجرم القرن إليك، واستولى على الهليكوبتر، وفرّ بها، ولم يعثر أحد على أكرم صدقي الآخر، فكيف يمكن أن تفسّر هذا؟!
ظلّ رياض صامتا متوترا، فتابع رئيسه في صرامة، امتزجت بتوتره:
- لقد واجه القرينان بعضهما البعض، بكفاءة متساوية، ولكن قرين عالمنا كانت له مزية كبيرة.
انعقد حاجبا رياض، وهو يتطلّع إليه في انتظار الجواب، فأردف رئيسه:
- إنه منعدم الأخلاق، ومجرم لا يشق له غبار.
غمغم رياض في حنق:
- أتراها مزية يا سيدي؟!
أجابه في حدة:
- على الأقل ستدفعه نحو خطوات لا يتوقّعها قرينه.
ثم لوح بيده، مضيفا:
- وبقعة الدم تثبت هذا.
شعر رياض بألم حاد في ضميره لشعوره بأنه هو من أحضر أكرم الحقيقي إلى عالمه، وتمتم في توتر:
- ولكننا لم نعثر على جثته.
أجابه رئيسه في حدة:
- لأن أحدا لا يعلم أين وكيف أخفاها مجرم القرن.
ازدرد رياض لعابه في صعوبة، مغمغما:
- سنواصل البحث، و..
قاطعه فجأة رنين هاتفه المحمول، فالتقطه من جيبه في سرعة، وقال عبره في اهتمام متوتر:
- ما الجديد يا علي؟!
ثم انعقد حاجباه في شدة، وهو يستمع إلى مساعده الذي ينقل إليه خبرا لم يتوقّعه..
على الإطلاق،،،
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين مايو 13, 2013 2:28 pm

(11) :
"إذن فالأمر كذلك!".
قالتها دونا كاترينا في بطء وخبث، وهي تستمع إلى صوفيا، التي نفثت دخان سيجارتها في عصبية، وهي تقول:
- إنني أنشد تعاونك لا سخريتك يا دونا.
لم ترقّ لها ابتسامة دونا، وهي تقول في بطء:
- فقط عندما تعقدت الأمور.
هتفت بها صوفيا في حدة:
- هل ستتعاونين معي أم لا؟!
مالت دونا نحوها، وهي تقول:
- لا بد أن أثق بك أولا يا عزيزتي صوفيا.
نفثت صوفيا دخان سيجارتها مرة أخرى، في عصبية أكثر:
- لقد أخبرتك كل شيء يا دونا.
تطلعت إليها دونا بضع لحظات في صمت، وكأنها تحاول سبر أغوارها، قبل أن تقول في حزم:
- إذن فأنتِ تعرفين مخبأ مستر زد هذا.
أشارت صوفيا بيدها، وهي تجيب:
- إنه شديد الحذر، ولكن تعاوننا لفترة طويلة ساعدني على الالتقاء به شخصيا.
سألتها دونا في حذر:
- وما الذي يمنعك من الالتقاء به مرة أخرى؟!
أجابتها في عصبية:
- لا يوجد ما يمنعني.
ثم مالت نحوها، مضيفة في غضب:
- ولكن لو أنه على اتصال مباشر مع أكرم صدقي، فاللقاء به لن يكون عاديا.
صمتت دونا لحظات، قبل أن تسألها:
- ماذا تعتزمين بالضبط يا صوفيا؟
انعقد حاجبا صوفيا، وهي تقول في شراسة:
- ألا أسمح له بتجاوزي.
تطلعت إليها دونا لحظات أخرى في صمت، ثم أطلقت ضحكة قصيرة مستفزة، قبل أن تقول:
- عزيزتى صوفيا.. وفقا لما سمعته منك، فذلك الـ.. مستر زد، رجل شديد الحذر والشك، ومقره السري خفي عن الأعين، وحتى عن الأقمار الصناعية المتطورة، وهو لا يسمح لأحد بالاقتراب منه، ورجاله لديهم أوامر بإطلاق النار، فور الشعور بلمحة من الشك، فكيف تتوقعين الوصول إليه.
نفثت صوفيا آخر دخان سيجارتها الرفيعة، ثم ألقتها بعيدا، وهي تجيب في صرامة:
- لقد فكّرت في هذا.
ثم أشعلت سيجارة ثانية، قبل أن تكمل:
- سأخبره أنني قد حصلت على البرنامج بالفعل.
حدّقت دونا فيها لحظة في دهشة، قبل أن تندفع قائلة:
- وكيف له أن يصدقك، لو أنه يتعامل بالفعل مع أكرم صدقي؟!
أشارت بيدها، مجيبة:
- لن يصدقني.
ثم استدركت في سرعة، وهي ترفع السيجارة إلى شفتيها:
- ولن يصدق أكرم صدقي أيضا.
جذبت دونا السيجارة من بين أصابعها، وألقتها بعيدا، وهي تقول في صرامة:
- التدخين سيقتلك يوما.

هتفت صوفيا في غضب:
- هذا شأني وحدي.
أجابتها دونا بنفس الصرامة:
- عندما تدخنين في الهواء الطلق، أو في مكتبك، وليس في مكتبي.
بدا لحظة وكأن صوفيا ستنفجر في وجهها، ثم لم تلبث أن تماسكت، وتراجعت قائلة:
- فليكن.
أشارت إليها دونا في ارتياح، قائلة:
- أكملي ما كنت تقولين.
صمتت صوفيا لحظة، ثم اندفعت تقول:
- مستر زد شديد الشك والحذر كما أخبرتك.. وحتى لو أتم الصفقة مع أكرم، فهو لن يلتقي به أبدا، ولن يسمح له بمعرفة مقره السري.. وما استشفيته من حديث أكرم عبر الهاتف، هو أنه لم يُتم الصفقة بعد.. ولهذا فعندما أخبر مستر زد أنني قد حصلت على البرنامج بالفعل، سينتابه شك كبير، وسيدفعه حذره إلى التيقن من هذا أولا، قبل أن يتعامل مع أكرم.
أطل الإعجاب من عيني كاترينا، وهي تقول:
- وسيدعوك لمقابلته فورا.
هزّت صوفيا كتفيها، قائلة:
- وهل لديه سبيل سوى هذا؟!
تراجعت دونا في مقعدها، وهي تفكر مليّا فيما سمعته منها، قبل أن تعتدل بحركة حادة، وتسألها في حزم:
- وفيم تنشدين تعاوني بالضبط؟!
صمتت صوفيا بدورها لحظة، ثم أجابت في بطء:
- أنت تملكين العديد من الرجال.
انعقد حاجبا دونا، وهي تقول:
- هل تقصدين ما أفكر فيه؟!
أشارت صوفيا بيدها، مجيبة:
- بالضبط.
ثم مالت هي نحو دونا، مكملة في حزم:
- عندما أصبح داخل مقر مستر زد السري، سأعمل على تدمير وسائل التعمية الإلكترونية لديه، في نفس الوقت الذي يكون فيه رجالك على أهبة الاستعداد لتلقي إشارتي، التي ما أن أطلقها، حتى ينقضّون على المقر، و..
لم تكن بحاجة إلى إكمال عبارتها، فتراجعت مبتسمة، تاركة دونا معقودة الحاجبين في شدة، تتطلع إليها بمزيج من الدهشة والاستنكار، قبل أن تغمغم:
- هل تدركين مدى قوة مستر زد هذا؟!
أجابتها صوفيا في صرامة:
- سبق وأن سحقت من هو أكثر منه قوة.
تراجعت دونا مرة أخرى مفكّرة، قبل أن تغمغم في قلق:
- إنها مخاطرة كبيرة.
أجابتها صوفيا، في صوت كالفحيح:
- البرنامج يساوي المليارات، ومبلغ كهذا يستحق المخاطرة.
صمتت دونا لحظات، ثم تألقت عيناها، وهي تقول في حزم:
- أنت على حق.
انتقل التألق إلى عيني صوفيا، وهي تقول:
- إذن فقد اتفقنا.
اتسعت ابتسامة دونا، وهي تجيب:
- بالتأكيد.
والتقت أيديهما الناعمة، في تآزر وحشي..
للغاية..
***
انعقد حاجبا المفتش رياض في شدة، وهو يتطلع إلى الجسد المُلقى أمامه، قبل أن يغمغم بكل توتره:
- أين عثرتم عليه؟!
أجابه أحد رجال الشرطة:
- حيثما تقف يا سيادة المفتش.
ظل رياض يتطلع إلى ذلك الجسد لحظات أخرى، ثم هز رأسه، مغمغما:
- عجيب!
مد مساعده علي يده إليه بورقة كبيرة، وهو يقول:
- كان مقيّدا بإحكام، وهذه الورقة معلّقة بصدره.
عاد حاجبا رياض ينعقدان، وهو يقرأ الكلمات القليلة على الورقة، قبل أن يتنحنح، ويمط شفتيه، قائلا:
- هل تستطيع فهم هذا؟!
هز علي رأسه نفيا، وهو يجيب:
- حاولت يا سيادة المفتش.
قرأ المفتش رياض المكتوب على الورقة مرة أخرى، وعاد يهز رأسه، مغمغما:
- أظنهم سيفهمون.
لم يستوعب علي معنى العبارة، فتساءل في حذر:
- من هم يا سيادة المفتش؟!
تطلّع إليه رياض في صمت دون أن يجيب، وبدا وكأنه شارد تماما بتفكيره، حتى أنه لم يسمع السؤال، فكرره علي بصوت أكثر ارتفاعا:
- من هم؟!
خيّل إليه أنه قد انتزع المفتش من شرود عميق، عندما أدار هذا الأخير عينيه إليه في صمت، استغرق ثوانٍ قليلة، قبل أن يستعيد حزمه التقليدي، قائلا:
- قم بكل الإجراءات الرسمية المعتادة يا علي.
لم يكن هذا يجيب سؤاله، بأي حال من الأحوال، ولكن علي اكتفى به، وهو يقول:
- فورا يا سيادة المفتش.
أسرع ينفذ الأمر، في حين التقط رياض هاتفه المحمول، وطلب رقما خاصا، وما أن سمع صوت محدّثه، حتى قال في احترام، لم يخلُ من لمحة توتر:
- سيادة الوزير.. أنا المفتش رياض.. لديّ هنا لغز، يتحتم أن تكونوا الجهة الوحيدة، القادرة على فهمه.
قالها، وهو يشعر بتوتر لا محدود في أعماقه..
هذا لأنه كان يتحدث إلى مدير المخابرات العمومية..
شخصيا..
***
ارتسمت كل الصرامة على وجه صوفيا جريشام، وهي تتطلع إلى ريكو بجسده الضخم، والذي وقف في احترام خانع، أمامها وأمام دونا، التي سألته في هدوء:
- ماذا تريد يا ريكو؟!
بدا شديد التوتر، وهو يجيب:
- كنت أنشد موافقتك يا دونا.
سألته في حذر:
- على ماذا؟!
التمعت عيناه في غضب، وهو يجيب:
- الانتقام.
تطلعنا إليه في دهشة متسائلة، فأردف في انفعال:
- ذلك المصري أذل ناصيتي، وأساء إلى صورتي، ولن تهدأ لي نفس حتى أنتقم منه.
قلبت صوفيا شفتيها في امتعاض، وهي تقول:
- إنها ليست لعبة انتقام يا هذا.
اندفع فجأة نحوها، وتشبث بثيابها، وهو يهتف:
- أرجوك يا سيدتي.. أرجوك.. الرجال هنا يعيرونني بما حدث، فإما أن أنتقم، أو أصبح سخريتهم إلى الأبد.
دفعته بعيدا عنها في قسوة، وهي تقول:
- قلت لك ليست لعبة.
بدا عليه انكسار عجيب، جعل دونا تقول:
- ولم لا؟!
هتفت بها صوفيا في غضب:
- ماذا تقولين يا دونا؟!
أشارت دونا بيدها، قائلة:
- ستحتاجين إلى حارس خاص، أثناء لقائك مع مستر زد.
أجابتها صوفيا في شراسة:
- كلا.
وعندما شاهدت على وجه دونا، استدركت في صرامة:
- حتى لو وافقت أنا، لن يقبل مستر زد بهذا.
انعقد حاجبا دونا في ضيق، فتابعت صوفيا في حدة:
- أنا وحدي أعلم كيف سيدور الأمر.. وأنا وحدي أتخذ القرار في هذا الشأن.
قالت دونا في صرامة:
- ورجالي هم من سيقاتلون.
مالت صوفيا نحوها، قائلة في مزيج من الشراسة والصرامة:
- وأنا من سيفتح لهم الطريق.
وفي أعماقها، ودون أن يفصح لسانها، اكتملت العبارة:
- وأنا من سيفوز بالغنيمة.. وحدي.
وكان هذا إيذانا بخوض الجولة الأخيرة من المعركة..
الجولة الأكثر حساسية..
والأكثر خطورة..
ألف مرة.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالجمعة مايو 17, 2013 12:54 am

(12) :
في توتر ملحوظ، دفع المفتش رياض صورة كبيرة أمام عيني مدير المخابرات العمومية، في العالم الموازي، وعلى الرغم من توّقعه رد فعل عنيف، لكن مدير المخابرات ظل هادئا، وربما إلى حد مثير للشك، وهو يلقي نظرة على الصورة، قائلا:
- ما هذا بالضبط؟!
تنحنح المفتش رياض، كعادته كلما شعر بالتوتر، وقال في شيء من العصبية:
- كنت أنتظر جواب السؤال منكم.
ألقى المدير نظرة أخرى على الصورة، قبل أن يقول بنفس الهدوء:
- وأي جواب تتوّقع؟!
ترك رياض العنان لعصبيته، وهو يقول:
- الجواب الصحيح.
دفع المدير الصورة إليه، قائلا في صرامة:
- ابحث عنه في مكان آخر إذن.
احتقن وجه المفتش رياض، وأخرج من جيبه تلك الورقة الكبيرة، بما تحويه من كلمات، ووضعها أمام المدير في حدة، قائلا:
- وماذا لو أضفت هذا إلى الصورة؟!
التهم المدير تلك الكلمات القليلة على الورقة بعينيه في سرعة، ثم قال دون أن يتخلى عن هدوئه:
- سيظل الجواب كما هو.
هتف رياض في عصبية محتدّة:
- اسمعني جيدا يا سيادة الوزير.
ضرب المدير سطح مكتبه براحته، قائلا في صرامة شديدة:
- اسمعني أنت أيها المفتش.
تراجع رياض في دهشة متوترة، فتابع الوزير بنفس اللهجة:
- إنك تتجاوز حدود صلاحياتك على نحو واضح، عندما تأتي إلى هنا، لتطرح مثل هذه الأسئلة، وسماحي لك بمقابلتي، لا يعني السماح لك بالتدخل في شيء وإن تفوق حدود منصبك.
تنحنح رياض أكثر من مرة، قبل أن يقول، في مزيج من الارتباك والعصبية:
- معذرة يا سيادة الوزير، ولكنني المسئول رسميا أمام الشعب، عن ملف مجرم القرن، و..
قاطعه المدير، في صرامة أكثر:
- ونحن مسئولون عن حماية الأمن القومي للبلاد، ووقتنا لا يسمح بالدخول في مهاترات كهذه.
تراجع رياض، وهو يقول مصدوما:
- مهاترات؟!
نهض المدير بحركة حادة، وهو يقول في صرامة:
- تشّرفت كثيرا بمقابلتك أيها المفتش.
احتقن وجه رياض في شدة، ونهض في عصبية، وهو يشير إلى الورقة والصورة، قائلا:
- أهذا يعني أنكم لا تريدونه؟!
بدا المدير شديد الصرامة، وهو يجيب:
- لقد حصلنا عليه بالفعل.
اتسعت عينا رياض في دهشة، وهو يغمغم:
- حصلتم عليه؟!
كان ينتظر جوابا ما من المدير، إلا أن نائب المدير دخل المكتب، في هذه اللحظة بالتحديد، وهو يشير بيده، قائلا:
- سيادته ينتظرك يا سيادة المفتش.
ازداد احتقان وجه رياض، وقال بكل توتره، وهو يتجه إلى خارج المكتب:
- على كل الأحوال، هناك أمر ما تخفونه، بشأن هذا الأمر.
ثم التفت إلى المدير، مستطردا في حدة:
- وأعدكم بأنني سأكشف ما تخفونه، حتى ولو كان هذا يتعارض مع الأمن القومي للبلاد.
ظل المدير صامتا، حتى غادر نائبه المكان بصحبة رياض، ثم لانت ملامحه، وارتسمت على شفتيه ابتسامة، وهو يغمغم:
- يمكنك أن تحاول.
وكانت ابتسامته تحمل الغموض..
كل الغموض..
***
الهدف يقترب..
تلقّى مستر زد تلك الإشارة، من وحدة الرادار الخاصة، في جزيرته الصغيرة، التي اتخذ منها وكرا سريّا، أحاطه بكل سبل التأمين الأحدث في العالم، وكل نظم الدفاع شديدة التطوّر، وزوّدوها بوحدات قتالية، استقدمها من كل مكان في العالم..
وعلى شاشة كبيرة أمامه، رأى تلك الهليوكوبتر المدنية تقترب من جزيرته، فضغط زرا أمامه، وهو يقول بلهجة آمرة:
- تبادل معهم شفرة الاتصال.
مضت لحظات، استمع خلالها إلى نداء خاص متبادل، بين وحدة الرادار والهليوكوبتر، قبل أن يرتفع صوت قائد وحدة الرادار، عبر جهاز الاتصال المحدود، وهو يقول بلهجة عسكرية:
- تم التأكّد من الهوية.
أجاب في صرامة:
- أبلغ فرقة الأمن ب؛ لاتخاذ اللازم.
كانت الهليوكوبتر تستعد للهبوط على الجزيرة، عندما ارتفع جزء من شاطئها، واندفع عبره عشرة رجال مسلحون بمدافع آلية متطوّرة، اصطفوا صفين، وهم يشهرون أسلحتهم في تحّفز، حتى استقرّت الهليوكوبتر على الرمال، مثيرة عاصفة منها، قبل أن تهبط منها صوفيا، مرتدية زيا ينافس نجمات السينما العالمية، وتوقفت في هدوء تشعل سيجارتها الرفيعة، وهي تدير عينيها في صفي الرجال، مغمغمة في سخرية:
- ما زال مستر زد يميل إلى المبالغة!
تقدّم منها أحد الرجال، وأدّى ما يشبه التحية العسكرية، وهو يقول:
- الزعيم في انتظارك يا سيدّتي.
تطلعت إليه في استهتار، ونفثت دخان سيجارتها في وجهه، قائلة:
- لا يمكنني الانتظار..
وفي نفس اللحظة، التي عبرت فيها ذلك المدخل السري على الشاطئ، يحيط بها الرجال ضخام الجثة، كانت هناك قطعة خشبية قديمة، من بقايا زورق غارق، تقترب من الجانب الآخر للجزيرة، في الناحية الصخرية منها..
وما أن بلغت تلك القطعة منطقة الصخور الوعرة، حتى انفصل عنها جسد بشري، تحرّك في خفة مدهشة، ليختفي بين الصخور، ذات الأطراف الحادة..
كان هناك ثلاثة من رجال مستر زد الأشدّاء، يجوبون المنطقة الصخرية بأسلحتهم، في تحفز متواصل، وراح هو يتلاعب بتحركاتهم في دقة وصبر، قبل أن يلتقط صخرة في حجم قبضة اليد، تلاعب بها بين أصابعه لحظات، ثم رفع جسده قليلا، ليلقي بها بكل قوته نحو الأشجار، التي تبعد ثلاثة أمتار فحسب، عن الرجال الثلاثة المسلحين..
ومع ارتطام الصخرة بالأشجار، التفت الرجال الثلاثة نحوهم في تحّفز..
وارتفعت فوهات مدافعهم الآلية نحو مصدر الصوت..
وفي نفس اللحظة، وثب ذلك الرجل من مكانه..
وانقضّ كالفهد..
أو أن انقضاضته كانت أكثر خفة..
وأكثر رشاقة..
وأشد قوة..
ألف مرة..
***
التقى حاجبا المفتش رياض، في توتر مشوب بالحذر، عندما لبّى استدعاء رئيسه له، وفوجئ بذلك الرجل هناك..
في مكتب رئيسه..
كان رجلا قوي البنية، أنيق الملبس، مشدود القوام، استقبله بنظرة، خيّل إليه أنها اخترقت كيانه كله..
وربما كان هذا سر توتره..
وبكل الحذر الذي ملأ نفسه، سأل رئيسه:
تُرى ما سر هذا الاستدعاء العاجل يا سيدّي؟!
زاد من حذره وتوتره أن رئيسه لم يجب سؤاله، وإنما أشار بيده إلى ذلك الرجل، الذي قال في حزم:
- أتعشّم أن تكون مستعدا يا سيادة المفتش، فلا بد لنا من التحّرك خلال دقيقة واحدة.
ارتفع حاجبا رياض بكل الدهشة، وقفز توتره في عنف، وهو يقول:
- دقيقة واحدة؟! لماذا؟! وإلى أين سنتحرك؟!
أجابه الرجل بنفس الحزم، وهو يتجه إليه، ويمسك ذراعه:
- ستعلم عندما نصل إلى هناك.
حاول رياض أن يدفع يد الرجل عن ذراعه، إلا أن الأصابع القوية التي كانت تحيط بذراعه لم تنفلت، والرجل يجذبه نحو الباب، مكملا:
- الأوامر لديّ أن نتحرك فورا.
مرة أخرى حاول رياض مقاومته، وهو يلتفت إلى رئيسه، هاتفا:
- ما الذي يعنيه هذا؟!
ومرة أخرى لم يجب رئيسه..
فقط قلب كفيه في استسلام، وكأنما يعلن عجزه عن مقاومة ما يحدث، مما حدا بالمفتش رياض إلى أن يسلّم قيادة لذلك الرجل، وإن لم يمنعه من سؤاله في عصبية:
- هل تتبع المخابرات العمومية؟!
لم يحاول الرجل حتى إجابة السؤال، وهو يقوده إلى آخر مكان توقعه..
إلى سطح المبنى..
وفي هذه المرة، لم يحاول رياض إلقاء أي سؤال آخر..
على الإطلاق..
***
حدّق مستر زد في وجه صوفيا جريشام، في دهشة مستنكرة، وأحنقه أن تقف أمامه هادئة، على الرغم من خطورة ما تقول، فهتف بها في غضب:
- أي قول أحمق هذا يا صوفيا؟! لا يوجد أي اتصال، مباشر أو غير مباشر، لي مع أكرم صدقي هذا.
رفعت أحد حاجبيها وخفضته، في حركة مستفزة، جعلته يضيف في حدة:
- ثم أنك أخبرتني أنك قد حصلت على ذلك البرنامج بالفعل.
هزّت كتفيها بلا مبالاة، قائلة:
- كانت الوسيلة الوحيدة لدفعك إلى مقابلتي هنا.
كرّر في دهشة:
- الوسيلة الوحيدة؟!
ثم صاح بها في غضب:
- ماذا أصابك يا صوفيا؟! المحترفون أمثالنا، لا يتعاملون بهذا الأسلوب الصبياني السخيف!
تخلّت عن هدوئها بغتة، وصاحت في غضب يفوق غضبه:
- ولكنني تحدثت مع أكرم صدقي شخصيا، وأخبرني أنه يجري تفاوضه معك، بشأن ذلك البرنامج.
تراجع مستر زد في مزيج من الدهشة والصدمة، وهو يغمغم:
- تحدثت معه؟!
أجابته في حدة:
- أجل.
انعقد حاجباه، وهو يسألها متوترا:
- ولكنك أكدت أنك تسيطرين على عقله تماما!
قالت في عصبية:
- كنت أتصوّر هذا، ولكنه استخدم قوة إرادته، لمقاومة تأثير تلك الشريحة الرقمية، التي زرعناها في رأسه.
كرّر مرة أخرى، في دهشة مستنكرة:
- قوة إرادته؟!
ثم نهض من خلف مكتبه، وهو يقول في صرامة، اكتست بشيء من العصبية:
- لا دور لقوة الإرادة هنا يا صوفيا.. إنها سيطرة فيزيقية بحتة، من الشريحة إلى خلايا المخ مباشرة.
أورثها هذا القول المزيد من العصبية، فقالت، محاولة إشعال واحدة من سجائرها الرفيعة:
- ولكنه تخلّص من التأثير على نحو أو آخر.
اتجه نحوها، وهو يلتقط شيئا ما من سطح مكتبه، قائلا:
- مستحيل.
تراجعت في حذر، وهو يكمل متجها إليها بذلك الشيء:
- لا يمكنه التخلّص من تأثير تلك الشريحة، دون معاونة.
واصلت تراجعها، فصاح بها بكل صرامة:
- توقفي.
قاومت توترها، وهي تقف في مكانها، فرفع هو ذلك الشيء، الذي يمسك به، ومرره أمامها لحظة، فأضاء مصباح صغير أحمر في قمته، مطلقا أزيزا تسمعه بالكاد، مما جعل مستر زد يقول في شراسة:
- من عاونك على ارتداء ثيابك هذه يا صوفيا؟!
ولم تجب صوفيا، ولكنها فهمت..
واشتعل كيانها كله بالتوتر..
بلا حدود.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 21, 2013 6:07 pm

(13) :
"ما هذا بالضبط؟!".
قالها مراقب الرادار، في جزيرة مستر زد الصغيرة، وهو يحدّق في شاشة الرادار، التي ظهرت عليها عدة نقاط صغيرة متناثرة، تتحرك كلها في اتجاه الجزيرة، فمال رئيسه يلقي نظرة على الشاشة، مغمغما في دهشة متوترة:
- لم أرصد شيئا كهذا، من قبل قط.
قال مراقب الرادار في حيرة:
- الصورة التي تعطيها توحي بأنها أجسام معدنية، ولكنها أصغر من أن تكون طائرات.
قال رئيسه في اهتمام:
- وحركتها المنتظمة تؤكد أنها أجسام موجّهة.
التفت إليه مراقب الرادار، متسائلا في قلق:
- هل نقوم بتشغيل نظام الدفاع الجوي؟
صمت رئيسه لحظات مفكرا، قبل أن يقول:
- صواريخ الدفاع الجوي لن تكون فعّالة مع أجسام بهذا الصِغر.. نحتاج إلى تفعيل درع الليزر، فلا شيء يمكنه اختراقه، عندما يحيط بالجزيرة.
صمت لثوانٍ أخرى، ثم أضاف في حزم متوتر:
- ولكن هذا يحتاج إلى قرار من الزعيم شخصيا.
في نفس اللحظة التي نطق فيها عبارته، كان مستر زد ينتزع جهاز تعقب دقيق، في حجم رأس الدبوس، من ثياب صوفيا، وهو يقول في غضب:
- هل تجلبينهم إلى وكري السري يا صوفيا؟!
حدّقت صوفيا في ذلك الجهاز الدقيق، الذي يمسكه بين سبابته وإبهامه، وهي تهتف:
- جلبت من؟! وما هذا الشيء؟! وكيف وصل إلى ثيابي؟!
رفع الجهاز الجديد إلى وجهها، وهو يقول في شراسة:
- المفترض أن تجيبي أنتِ هذه الأسئلة يا صوفيا.
انعقد حاجباها الجميلان في شدة، وهي تستعيد كل ما مر بها، منذ استعدّت للقدوم إلى جزيرة مستر زد..
ثم توقفت أفكارها عند حدث بعينه..
حدث واحد..
ريكو وهو يتشبث بثيابها..
وعند هذا الحدث اتسعت عيناها، وهي تقول مشدوهة:
- مستحيل!
قبل أن تسمع رد فعل مستر زد، ارتفع صوت رئيس قسم الرادار، عبر جهاز الاتصال الخاص، في مكتب مستر زد، وهو يقول في لهجة توحي بخطورة الأمر:
- سيدي.. نحتاج إلى أمر بتفعيل درع الليزر فورا.
عض مستر زد شفته السفلى في غضب، وهو يندفع نحو جهاز الاتصال الخاص، هاتفا:
- ماذا يحدث عندك؟
نقل إليه رئيس قسم الرادار الصورة في كلمات موجزة سريعة، قبل أن يضيف في توتر ملحوظ:
- تلك الأجسام الصغيرة تقترب في سرعة أيها الزعيم، ولا بد من تفعيل درع الليزر، قبل فوات الأوان.
صاح به مستر زد في انفعال:
- وماذا تنتظر؟!
أنهى الاتصال، وهو يلتفت إلى صوفيا في شراسة، هاتفا:
- أنتِ المسئولة عن هذا.
تجاهلت ثورته، وهي تندفع نحو شاشة كبيرة في مكتبه، قائلة:
- فلندع الحديث عن مسئولية الحدث لما بعد.. المهم الآن أن نعرف من يهاجمنا بالضبط.
هتف في عصبية، وهو يضغط أزرار تفعيل كل دفاعات الجزيرة:
- أيا كان من يهاجمنا، فهو غير قانوني.. الجزيرة تقع في المياه الدولية، بعيدا عن كل خطوط الطيران والملاحة، و..
قاطعته في صرامة:
- وهل تعتقد أنهم يبالون بهذا؟!
اعتدل يقول في وحشية:
- حتى وإن تجاهلوا كل القواعد.. هذه الجزيرة تحوي من الدفاعات ما لا تمتلكه بعض الدول فعليا، ومن يفكر في مهاجمتها يقود نفسه إلى انتحار حقيقي..
قبل أن يتم عبارته، قاطعه هذه المرة أمر آخر تماما..
انفجار..
انفجار قوي، هز كل أركان الجزيرة..
وارتجّت معه حجرة مكتبه المنيعة..
بمنتهى العنف..
***
في خفة مدهشة، تحرّك ذلك الرجل، مرتديا زي أحد رجال الحراسة، الذين صرعهم عند الجانب الصخري للجزيرة..
وفي جرأة أكثر إدهاشا، اتجه نحو قائد الحراسة، الذي يقف مع خمسة من رجاله، عند المدخل الخفي للمقر، فالتفت إليه القائد وهو يقول في صرامة:
- ماذا تفعل هنا؟! لا ينبغي أن تترك موقعك، دون أمر مباشر.
رفع الرجل سبابته إلى شفتيه مشيرا له بالصمت، ثم رفع سبابته إلى السماء، وكأنه يلفت انتباهه إلى شيء ما..
وبحركة غريزية، رفع القائد ورجاله الخمسة رؤوسهم إلى أعلى، بحثا عما يشير إليه..
وقبل أن تنخفض رءوسهم، كان الرجل قد انقض..
ولم يستغرق القتال سوى عشر ثوانٍ فحسب..
فالرجل كان يتحرك في سرعة خرافية، ويوزع لكماته وركلاته على الرجال الستة، في قوة وعنف، قبل حتى أن يتبينوا طبيعة ما يحدث..
وعندما توسّد الرجال الستة رمال الجزيرة فاقدين الوعي، تحرك الرجل بنفس السرعة..
كان يعلم أنهم لم يجتمعوا لحراسة أكوام من الرمال..
هناك حتما شيء ما هنا..
حيث كانوا يقفون..
وبعينين خبيرتين، راح يفحص الرمال من حوله في سرعة ودقة..
ثم التقطت عيناه ما يبحث عنه..
انتظام غير طبيعي للرمال، في منطقة بعينها..
انتظام يشفّ عما تخفيه..
أسرع يتحسس تلك المنطقة، قبل أن يكشف ذلك الغطاء المعدني أسفلها، والمغلق في إحكام شديد..
ولأنه خبير في مثل هذه الأمور، فقد كشف في سرعة، أن ذلك الغطاء هو مدخل المقر السري لمستر زد، الذي يتخذ من قلب الجزيرة وكرا له..
وفي نفس اللحظة التي كشف فيها هذا، بدأ درع الليزر عمله..
غلاف أشبه بقبة كاملة من أشعة الليزر، تألق فجأة حول الجزيرة، ليصنع درعا منيعا يستحيل اختراقه..
درع قادر على سحق كل جسم يقترب من الجزيرة، لمسافة خمسمائة متر..
وانعقد حاجبا الرجل، وهو يلتفت إلى المشهد المخيف..
وفي نفس اللحظة، كانت الأجسام المعدنية الصغيرة تقترب في سرعة من درع الليزر..
وما أن لمسته حتى تلاشت كلها في لحظة واحدة، تاركة عشرات البقع المضيئة، في درع الليزر..
وانعقد حاجبا الرجل، وهو يشاهد هذا، قبل أن يخفض عينيه إلى تلك الهليوكوبتر، التي ما زالت تقف على بعد أمتار من المدخل السري للوكر، وبداخلها يجلس قائدها صامتا..
والتقت نظرات الرجلين لحظة، قبل أن يغادر قائد الهليوكوبتر طائرته، ويقف إلى جوارها، متطلعا إلى الرجل بدوره في صمت..
ولثوانٍ بدا وكأن المشهد قد تجمّد عند هذه الصورة..
الرجلان ثابتان، يتطلع كلاهما إلى الآخر في صمت..
ثم في هدوء، مد الطيار يده أسفل مقعد قيادة الهليوكوبتر، وانتزع حزاما كبيرا، يحوي عدة جيوب منتفخة..
وبعدها بأقل من دقيقة واحدة، دوى ذلك الانفجار الذي رجّ مكتب مستر زد رجّا..
وبمنتهى العنف..
***
إلى أين تتجه بالضبط؟!
ألقى المفتش رياض سؤاله في عصبية، والهليوكوبتر التي يجلس داخلها، وإلى جواره ذلك الرجل، الذي اصطحبه من مكتب رئيسه، والذي أجاب في اقتضاب:
- إلى حيث تنتهي المهمة.
سأله في عصبية أكثر:
- أي مهمة؟!
صمت الرجل لحظات، ثم التفت إليه، قائلا:
- ألست المسئول رسميا عن ملف مجرم القرن؟!
امتزجت عصبية رياض بدهشته، وهو يقول:
- وما شأن هذا بتحليقنا فوق المحيط؟!
عاد الرجل ينظر إلى الأمام، مجيبا بنفس الاقتضاب:
- هناك ستنتهي العملية.
انعقد حاجبا المفتش رياض، وهو يقول في حدة:
- أي إجابة هذه؟!
ثم انتفض جسده في عصبية زائدة، هاتفا:
- ولماذا كل هذا الغموض؟!
أجابه الرجل، دون أن يلتفت إليه:
- الغموض أساس عملنا.
تراجع رياض بكل دهشته، وهو يقول مبهوتا:
- أتعني أنك..
قاطعه الرجل في صرامة:
- يمكنك أن تدعوني بالاسم الذي يروق لك.
ثم استدار إليه، مضيفا بنفس الصرامة:
- وأيا كان الاسم، الذي لا يعني شيئا في مثل هذا الموقف، فيكفي أن تعلم أننا نعمل على الملف نفسه.
غمغم رياض، وهو يتنحنح في انفعال:
- أنتم؟!
أجابه الرجل بكل الحزم:
- نعم.. نحن أيها المفتش.. كلانا يعمل من أجل الوطن كما تعلم.. الفارق الوحيد هو أننا نعمل على نحو مختلف.
قالها وهو يشير بيده خارج الهليوكوبتر، فاستدار رياض بحركة تلقائية إلى حيث يشير..
واتسعت عيناه عن آخرهما، وجسده ينتفض من فرط الدهشة..
فما رآه من حوله، كان يفوق أقصى ما يمكنه تخيّله..
على الإطلاق..
***
قبل حتى أن يتلاشى دوي الانفجار، ارتفع صوت آلي في حجرة مكتب مستر زد، يقول على نحو متكرر:
- دخول غير مشروع.. دخول غير مشروع.
وأعقبه صوت مراقب الأمن، يهتف في انزعاج شديد:
- مدخل المقر تم نسفه أيها الزعيم.. إننا نتعرض لهجوم.
امتقع وجه مستر زد، وهو يصرخ:
- مستحيل!
ثم ضغط زر جهاز الاتصال الخاص، وهو يهتف بكل انفعاله:
- كيف حدث هذا أيها الأغبياء؟! وأين أطقم الحراسة الخارجية؟!
- أجابه مراقب الأمن، وقد استحال انزعاجه إلى خوف واضح:
- لا أحد منهم يجيب أيها الزعيم.. أخشى أنه ربما.. ربما..
لم يستطع إتمام عبارته، فهتف مستر زد:
- ادفع كل الرجال لديك لصد ذلك الهجوم، الذي لست أدري كيف وصل من يشنّونه إلى هنا.. وماذا عن درع الليزر؟!
أجابه الرجل في اضطراب:
- ما زال يعمل بكفاءة أيها الزعيم.
صاح مستر زد في توتر صارم:
- قم بتصفية الهجوم الداخلي إذن.. وبأي ثمن.
أنهى الاتصال، والتفت إلى صوفيا، مواصلا بنفس التوتر الذي اكتسب رنة شرسة:
- أنتِ فعلتها يا صوفيا.
صاحت به بدورها:
- هل جننت يا زد؟! إنها خدعة.. خدعة لست أدري كيف صنعوها! من المؤكد أنهم قاموا بتجنيد ريكو الحقير.
صاح بها، وهو يسحب مسدسه:
- هذا لو أنه بالفعل ريكو.
صرخت في انفعال:
- لا يمكن أن يكون سوى هذا.. شخص واحد في الكون كله يمكنه أن ينتحل هيئة ما بهذا الإتقان، ولقد تحدثت إليه هاتفيا بنفسي، وريكو على قيد خطوة واحدة مني.
رفع مسدسه نحوها، صائحا:
- هراء.. لقد خنتِني يا صوفيا..
وفي مكتب مستر زد دوت رصاصة أصابت هدفها..
بمنتهى الدقة.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين يونيو 10, 2013 4:15 pm

(14) :
"ولكن كيف؟!".
هتف المفتش رياض بالعبارة، وهو يدير عينيه بين عشرات من طائرات الهليوكوبتر، تنطلق في نفس مسار الهليوكوبتر التي يستقلها مع رجل المخابرات العمومية الذي أجاب في صرامة:
- لست مخوّلا بإجابة مثل هذا السؤال.
عاد رياض يهتف في حدة:
- لماذا كل هذا التكتم؟!
أدار الرجل عينيه إليه في بطء، مجيبا بنفس الصرامة:
- لأننا هكذا نعمل!
ثم اعتدل مرة أخرى، مضيفا:
- طوال الوقت.
صمت رياض بضع لحظات محتقنا، قبل أن يسأل في حذر:
- تستعدون لشن هجوم شامل؟!
أجابه الرجل:
- بالتأكيد.
حاول رياض أن يصمت مرة أخرى، إلا أنه عجز عن هذا، فتساءل في توتر:
- ولهذا علاقة بمجرم القرن؟!
صمت رجل المخابرات لحظات، ثم أجاب في بطء:
- لماذا أنت هنا إذن؟!
هتف رياض معترضا:
- هذا ليس جوابا.
أجابه الرجل في سرعة:
- بل هو كذلك.
تراجع رياض في مقعده، وعقد ساعديه أمام صدره في قوة، وهو يعاود التطلع إلى سرب طائرات الهليوكوبتر من حوله، وهو يتساءل في أعماقه:
هل يحتاج الظفر بمجرم القرن، إلى شن حرب كاملة؟!
أم أن هناك سرا آخر، خلف كل هذا؟!
راح التساؤل يعربد في أعماقه في عنف، ولكن..
بلا جواب..
على الإطلاق..
***
راجع نائب مدير المخابرات العمومية، كل ما أمامه من تقارير، ثم رفع عينيه إلى المدير، قائلا في قلق واضح:
- لم تنجح قنبلة طائرة واحدة، في الوصول إلى جزيرة مستر زد.
رفع المدير عينيه إليه في قلق، متسائلا:
- والسبب؟!
هز النائب رأسه، قبل أن يجيب:
- إنهم يحيطون الجزيرة بدرع ما، تتفجر عليه كل الأجسام التي تقترب من الجزيرة، لمسافة نصف كيلومتر.
انعقد حاجبا المدير، وهو يتراجع في مقعده، قائلا:
- وما رأي خبراؤنا في هذا؟!
التقط النائب أحد التقارير، وراح يقرؤه بصوت مسموع:
- يرجحون أنه درع من الليزر، يحيط الجزيرة على شكل كرة تامة الاستدارة، بحيث يستحيل أن تصل إليها قطعة بحرية، أو تحت مائية، أو أي مقاتلة جوية.
ازداد انعقاد حاجبي المدير، وهو يغمغم:
- سيمزقهم درع الليزر تمزيقا، دون حتى أن يدركوا أنهم يعبرونه.
تراجع المدير في مقعده أكثر، وشبك أصابع كفيه أمام وجهه مفكرا بضع لحظات، قبل أن يعتدل، قائلا بلهجة آمرة:
- مر الرجال بعدم الاقتراب من الجزيرة، لمسافة ستمائة متر، حتى يصدر إليهم الأمر بالهجوم.
تطلّع إليه نائبه، وسؤال متردد يطل من عينيه، فأضاف المدير، مجيبا سؤاله، الذي لم ينطقه:
- وسنصدر الأمر بالهجوم، فور تلقينا الإشارة.
ثم اعتدل مردفا في حزم:
- من داخل الجزيرة.
وهنا أطلّ من عيني النائب ألف سؤال..
على الأقل..
***
أغلقت صوفيا عينها في قوة، وجسدها ينتفض في عنف، متصورة أن ما سمعته هو صوت رصاصة مستر زد، التي أطلقها نحوها..
ولكنها لم تشعر في جسدها بأي آلام..
كل ما شعرت به وسمعته، هو صرخة ألم أطلقها مستر زد، مع صرخته، التي تجمع ما بين الصدمة والذعر والذهول:
- مستحيل!
فتحت عينها في سرعة، وشاهدت مستر زد يتراجع في ذعر، ومسدسه ملقى أرضا، وقد أصابته رصاصة، حطمت جزءا من مقبضه، وهو يحدق في شيء ما خلفها، فالتفتت في سرعة، إلى حيث ينظر..
وتراجعت بدورها في عنف، وهي تكرر كلمة مستر زد:
- مستحيل!
كانت تحدق مباشرة في أكرم صدقي، الذي يصوّب إليها وإلى مستر زد مدفعا آليا، ويقول في سخرية:
- مفاجأة.. أليس كذلك؟!
حدقت فيه ذاهلة، ومستر زد يهتف مرتجفا:
- أنت السبب يا صوفيا.. أنت جلبته إلى هنا.
استدارت إليه بكل حنقها، صارخة:
- اصمت أيها الغبي المتعجرف.
ثم التفتت مرة أخرى إلى أكرم، الذي هز كتفيه، قائلا:
- إنه لم يخطئ يا صوفيا.. أنت جلبتني إلى هنا بالفعل.
كررت في حنق عصبي:
- مستحيل!
هز أكرم رأسه نفيا في بطء، وهو يقول:
- ليس مستحيلا كما تتصورين.. أنت جلبتني إلى هنا، عندما قدت بك الهليوكوبتر بنفسي، إلى الوكر السري لمستر زد، والذي عجزنا عن كشفه لسنوات.
تراجعت كالمصعوقة، هاتفه:
- الهليوكوبتر؟! ولكن هذا مستحيل! قائد الهليوكوبتر هو أقرب رجالي إليّ، وأكثرهم إخلاصا، و..
قاطعها، وهو يقول، مقلدا صوت الطيار بدقة بالغة:
- إلى أين هذه المرة أيتها الزعيمة.
اتسعت عينا صوفيا، وهي تغمغم ذاهلة:
- ولكن كيف؟!
هز كتفيه مرة أخرى، قائلا:
- لا ريب في أنك قد أدركت، بذكائك المعهود، أنني كنت أنتحل هيئة ذلك الخرتيت ريكو، عندما حاولت استجوابي في روما.
انعقد حاجبا مستر زد، وهو يتراجع في حذر، نحو لوحة الأزرار الكبيرة، على سطح مكتبه، في حين غمغمت هي مبهوتة:
- ولكن اختبار كشف الكذب..
أشار بيده اليسرى، قائلا:
- كان هذا أسهل جزء في اللعبة يا عزيزتي صوفيا، فجهاز كشف الكذب ما هو إلا جهاز رقمي، يعتمد على التغيرات الفسيولوجية لدى من يتم استجوابه.. وتلك التغيرات تحدث بسبب توتره، وخشيته من افتضاح أمره.. ولكن حتى رجال المارينز مدربين على خداع هذا الجهاز.. ولعل هذا ما جعله غير معتمد، كوسيلة لإثبات الجريمة، في كل المحاكم العالمية*. (* حقيقة)
قالت في توتر، يموج بالشك:
- ولكنني تحدثت إليك شخصيا، وريكو يرقد على قيد خطوات مني، فكيف..
مال قليلا، وهو يقول في خبث:
- سأترك هذا لخيالك يا عزيزتي صوفيا.
اقترب مستر زد من لوحة الأزرار أكثر، وهو يقول في توتر:
- هل سنضيع الوقت في هذه الترهات، دون أن تخبرني: لماذا أنت هنا يا مستر أكرم؟!
مال أكرم بفوهة مدفعه إلى أعلى، وهو يجيب:
- أي سؤال هذا يا مستر زد الشهير؟! إنني هنا للتفاوض بالطبع.
راحت يد مستر زد تزحف في حذر من خلف جسده، نحو لوحة الأزرار، وهو يسأل:
- التفاوض بشأن ماذا؟!
أطلق أكرم ضحكة عالية ساخرة، قائلا:
- وتتحدث عن الهراء؟! إنني هنا للتفاوض بشأن ذلك البرنامج الدفاعي يا رجل.
تحول غضب وذهول صوفيا إلى نوع من الشراسة، وهي تقول:
- تقصد برنامجي.
ابتسم في سخرية، قائلا:
- منذ متى؟
هتفت كنمرة شرسة:
- منذ قررت الحصول عليه.
بدا أكثر شراسة منها، وهو يقول:
- ولكنك لم تحصلي عليه.
صرخت ثائرة:
- لأنك خدعتني.
قال في صرامة شرسة:
- وبهذا صار ملكي أنا.
تراجعت بوجه محتقن، وغمغمت بكل مقت الدنيا:
- كان ينبغي أن أقتلك، وأنت في هيئة ريكو؟!
ضحك قائلا:
- لقد حاولت إقناعك باصطحابي إلى هنا، في هيئة ريكو، ولكنك رفضت هذا، فرأيت أنه من الأفضل أن أنتحل هيئة طيارك الخاص.
ثم ارتفع صوته، واكتسب قساوة وصرامة، وهو يضيف دون أن يرفع عينيه عنها:
- الأفضل أن تتوقف أصابعك عند هذا المستوى يا مستر زد، فلو أنك ضغطت زرا واحدا، من لوحة أزرارك، ستكتسب في اللحظة نفسها ثقبا خاصا، في منتصف جبهتك.
أبعد مستر زد أصابعه عن لوحة الأزرار بحركة غريزية، وهو يقول في عصبية:
- ملفك يقول: إنك لا تقدم على القتل قط، في غير ظروف الدفاع عن النفس..
غمغمت صوفيا في مقت:
- هذا صحيح.
أطلق أكرم ضحكة عالية ساخرة، قبل أن يستعيد صرامة صوته وقسوته، وهو يقول:
- أظنكما تتحدثان عن ذلك الأحمق الذي كنته، والذي كان يهدر كل قدراته وإمكانياته وطاقاته، من أجل مبادئ وقيم، لا تسمن، ولا تشبع من جوع.
دسّت صوفيا يدها، في جيب سترتها الأنيقة، وهي تقول:
- إذن فكل ما يشغل أكرم صدقي الجديد الآن هو المال.
أجابها في رصانة عجيبة:
- لا.. ليس مجرد المال.
ثم أضاف في شراهة:
- بل الكثير منه.. والكثير جدا.
فوجئ بها مستر زد تتماسك فجأة، وهي تقول في صرامة:
- وما أدراك أنه ليست لديّ خطة بديلة؟!
عاد يطلق ضحكته الساخرة العالية، قبل أن يقول ساخرا:
- لو أنك تشيرين إلى خطة تحالفك مع دونا كاترينا، فأنصحك أن تحذفيها من عقلك تماما، فالبلاغ الذي تلقته المخابرات الإيطالية بشأنها، ستجعلها ورجالها منشغلين بمحاولة تبرئة أنفسهم، لشهر على الأقل.
بدت شديدة القسوة والصرامة، وهي تقول:
- ليس هذا ما كنت أقصده بالخطة البديلة.
وأخرجت يدها من جيب سترتها، وهي تحمل ما يشبه الهاتف المحمول، ضغطت زرا كبيرا فيه، وهي تضيف:
- بل هذا.
ارتد أكرم بحركة عنيفة، وأمسك جانبي رأسه بكل قوته، وحملت ملامحه آلاما رهيبة، وهو يفلت مدفعه الآلي، الذي سقط أرضا..
وقبل أن يرتطم بالأرض، وثبت صوفيا نحوه، وثبة رشيقة طويلة، لتركل أكرم في وجهه مباشرة..
وبمنتهى منتهى العنف.
***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
مدير المنتدي
المدير العام
المدير العام
مدير المنتدي


أوسمة أوسمة : وسام الإداري المميز
عدد المساهمات : 734
نقاط التقييم : 12165
تاريخ التسجيل : 13/05/2009
العمر : 37
الموقع : Sudan
العمل/الترفيه : د.صيدلي

الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق   الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق I_icon_minitimeالإثنين يونيو 10, 2013 4:19 pm

(15) :
اتسعت عينا مستر زد في دهشة، عندما انهار أكرم أمام صوفيا، التي وثبت نحوه في حركة سريعة رشيقة، لتركله في وجهه بمنتهى منتهى العنف..
ولكن دهشته هذه لم تلبث أن تحولت إلى ذهول، عندما اعتدل أكرم فجأة في رشاقة وحيوية مدهشتين، وأمسك قدم صوفيا، قبل أن تبلغ وجهه، وهو يقول ساخرا:
- هل تصوّرت الأمر بهذه البساطة؟!
فقدت توازنها، مع المفاجأة وعرقلة حركة قدمها، فسقطت أرضا، مطلقة سبابا غاضبا ساخرا، في نفس اللحظة التي استعاد فيها أكرم سلاحه بحركة سريعة، وهتف في مستر زد في قسوة:
- ما زال عرضي ساريا.. ألمس زرا، أمنحك ثقبا.
هتفت صوفيا في غضب شديد التوتر:
- مستحيل! لا يمكنك أن تقاوم إشارة الجهاز.
تحركت يده في سرعة، لتنتزع منها ذلك الجهاز، الشبيه بالهاتف المحمول، فقاومته هي في عنف، صارخة:
- إنني أفضّل الموت..
جذبه من بين أصابعها، في قوة عجزت عن مقاومتها، وهو يقول:
- ولكنني أريدك على قيد الحياة.
وألقى نظرة سريعة على الجهاز، قبل أن يدسّه في جيبه، مضيفا:
- بهذا نكون قد حصلنا على سلاح جديد.
حاولت أن تنهض، وهي تقول في عصبية شديدة:
- تكونون؟! من تقصد بصيغة الجمع هذه؟!
أضيئت الشاشة الكبيرة في حجرة مستر زد، قبل أن يجيب سؤالها، وظهر عليها وجه مسئول الأمن، وهو يهتف في انهيار:
- كل دفاعاتنا تم تدميرها يا مستر زد.. ذلك الشيطان المصري دمر كل شيء.. لم يعد لدينا سوى درع الليزر، ووحدك تملك التحكم فيه.
انعقد حاجبا صوفيا في شدة، في حين هتف مستر زد في انفعال بالغ:
- أي شيطان مصري تقصد؟! الشيطان المصري الوحيد الذي أعرفه، يقف أمامي هنا.
انبعث صوت ساخر من مدخل الحجرة، يقول:
- إنه يقصدني أنا.
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي أكرم، في حين التفت مستر زد وصوفيا إلى مدخل الحجرة، في حركة سريعة، ارتدّت صوفيا بعدها مصعوقة، وهاتفة:
- مستحيل!
أما مستر زد، فقد فغر فاه في ذهول، وعجز لسانه عن النطق تماما..
فما رأياه أمامهما كان مذهلا..
وبكل المقاييس..
***
- ماذا ننتظر؟!
غمغم المفتش رياض بالسؤال في عصبية، فأجابه رجل المخابرات العمومية في هدوء، ودون أن يلتفت إليه:
- الإشارة.
سأله في توتر:
- أي إشارة؟!
أشار رجل المخابرات بسبابته، مجيبا:
- الإشارة التي تعلن أن الاستمرار قد صار آمنا.
عاد يسأله، في توتر أكثر:
- ومن أين ستأتي تلك الإشارة؟! من القيادة؟!
صمت رجل المخابرات لحظات، وكأنما يدرس ما إذا كان ينبغي له أن يجيب أم لا، ثم لم يلبث أن حسم أمره، وأشار بيده، مجيبا:
- بل من قلب جزيرة مستر زد.
اتسعت عينا رياض عن آخرهما، وهو يهتف:
- مستر زد؟! زعيم الإرهاب العالمي الشهير؟! انحن بصدد الهجوم على مقره الآن؟!
ابتسم الرجل، دون أن يجيب، فهتف رياض في انبهار:
- هل نجحتم في تجنيد شخص ما بين صفوفه؟!
اتسعت ابتسامة الرجل، وهو يجيب في بطء:
- بل فعلنا ما هو أكثر براعة من هذا.
والتفت إليه بنفس البطء، مضيفا:
- لقد استعنّا بملفك.
انعقد حاجبا رياض، وهو يغمغم:
- ملفي؟! ماذا تعني يا رجل؟!
قفز الجواب فجأة إلى رأسه، فعادت عيناه تتسعان، وهو يهتف:
- هل تعني...
اتسعت ابتسامة الرجل أكثر، وهو يجيب:
- بالضبط.
لحظتها فقط، أدرك رياض مع من يتعامل بالضبط..
وتضاعف انبهاره..
ألف مرة..
***
لم يكن من السهل أبدا، أن يستوعب مستر زد، أو تستوعب صوفيا جريشام ما رأياه أمامهما..
ففي منتصف الحجرة، كان أكرم صدقي يصوب إليهما سلاحه..
وعند مدخل الحجرة، كان أكرم صدقي يقف مبتسما في سخرية، حاملا سلاحا آخر.. وفي حين انعقد لسان مستر زد تماما، غمغمت صوفيا في بطء ذاهل:
- أحدكما زائف ولا شك.
تقدم أكرم، الذي جاء مؤخرا، نحوهما وهو يقول:
- الواقع أن كلينا حقيقي تماما يا عزيزتي صوفيا.
هتفت في ذهول:
- مستحيل! لا بد أن يكون أحدكما زائفا!
قال أكرم الآخر، الذي يصوب إليهما سلاحه منذ البداية:
- قلت لك: سأترك هذا لخيالك.
انتفض جسدها في عصبية شديدة، وهي تهتف:
- لست ساذجة، لتحاول إقناعي بأنكما نسختين من رجل واحد!
واصل أكرم تقدمه نحوها، وتجاوزها في هدوء، وهو يقول ساخرا:
- لا أحد يحاول إقناعك.
تسللت أصابع مستر زد مرة أخرى في حذر متوتر، نحو لوحة الأزرار، وهو يغمغم :
- إنها على حق يا رجل.. هذا يستحيل أن يحدث، ولا حتى في أفلام الخيال العلمي.
اتجه إليه أكرم مباشرة، وهو يقول في هدوء:
- هل تريد لمحة من عالم الواقع؟!
قالها، ثم تحرك في خفة مدهشة، وكال لمستر زد لكمة كالقنبلة، في أنفه مباشرة، أطاحت بزعيم الإرهاب العالمي لثلاثة أمتار كاملة، ليرتطم بالجدران قبل أن يسقط أرضا فاقد الوعي..
وبكلمات هادئة، ابتسم أكرم الآخر، وهو يقول:
- أحسنت.. كم أتمنى لو استطعت فعل هذا، بمستر زد عالمي!
اتسعت عينا صوفيا مرة أخرى، وهي تغمغم ذاهلة:
- عالمك؟! ما الذي يعنيه هذا؟!
أجابها أكرم العالم الآخر، دون أن يلتفت إليها:
- لا يمكنني أن أخبرك.
ثم تبادل نظرة وابتسامة مع قرينه، قبل أن يضيف:
- إنها مسألة أمن قومي.
ومد سبابته نحو أحد الأزرار، سائلا أكرم عالمنا:
- هل تسمح لي؟!
أشار إليه أكرم عالمنا بيده، مجيبا:
- هذا حقك.. إنه عالمك.
اتسعت ابتسامة أكرم العالم الآخر، وضغط زر درع الليزر..
ثم أطلق الإشارة..
وبدأ الهجوم..
***
في انبهار شديد، وقف المفتش رياض، ينقّل بصره بين أكرم وأكرم، في حجرة مدير المخابرات العمومية، قبل أن يهتف:
- إذن فكل هذا كان مدبّرا.
ابتسم الأكرمان، في حين قال مدير المخابرات في رصانة:
- كان من الضروري إقناع مستر زد، ومن قبله صوفيا جريشام، بأن قاهر المستحيل قد تحول إلى مجرم القرن، كما أرادا وخططا، ولكن الواقع أن أكرم.. وأقصد أكرم عالمنا بالطبع، قد أدرك منذ البداية أن أحدهم يعبث بعقله، وكان من الطبيعي، والحال هكذا، أن يلجأ إلى القسم الفني هناك، لعلاج هذه المشكلة.
قال رياض مبهورا:
- وانتزعتم أنتم تلك الشريحة الرقمية من مخه..
ابتسم مدير المخابرات، وأشار إلى نائبه، الذي أجاب:
- الواقع أن الوحيد، الذي كانت لديه الكفاءة ليفعل هذا، دون أن يفشي السر، هو شقيقه، أستاذ جراحة المخ والأعصاب أيمن صدقي.
قال رياض في لهفة:
- المهم أنكم قد انتزعتموها.
أومأ المدير برأسه إيجابا، وقال:
- انتزعناها، ووضعناها داخل هاتفه، بحيث يصدر ذبذبة خاصة كلما استخدمت صوفيا جهاز التحكم عن بعد، حتى يتمكن أكرم من أداء دوره جيدا.
قال رياض بشيء من الفخر:
- ولكنكم لم تتوقعوا ظهور أكرم صدقي آخر لمعاونته.
هز أكرم عالمهم كتفيه، قائلا بابتسامة خفيفة:
- ليس كما تتصور.. لقد تركني أواجه طاقم الحراسة على شاطئ الجزيرة وحدي، ولم يتعاون في هذا الشأن.
أشار أكرم عالمنا بكفه، وهو يقول بابتسامة مماثلة:
- أظنني أكثر من يتعلم أنك لم تكن بحاجة إلى المساعدة هناك.
ثم هز كتفيه، مضيفا، وابتسامته تتسع قليلا:
- كانوا خمسة أو ستة رجال فحسب.
هز أكرم عالمهم كتفيه، على النحو نفسه، وهو يغمغم:
- أنت على حق.. لم يكن الأمر يستحق.
نقل رياض بصره بينهما مرة أخرى، قبل أن يهتف في لهفة:
- ولكننا أحضرنا قرينك من عالم موازٍ ليتصدى لك، لا ليتعاون معك.. فكيف أقنعته بهذا؟!
مط أكرم عالمهم شفتيه، مجيبا:
- إنه أنا يا رجل.. أكثر من يعرفني.. في الكون كله.. لست أنكر أنني قد ذهلت، عندما رأيته أمامي، ولكنه، وفي كلمات موجزة سريعة، أخبرني بالأمر، وذكر لي أمورا، يستحيل أن يعرفها سواي، وقبل مضىّ دقيقة واحدة، كنا نتصافح، وكنت أشرح له اللعبة كلها.
هز نائب مدير المخابرات رأسه، وهو يغمغم:
- يدهشني أن تمنحه ثقتك بهذه السرعة.
تبادل الأكرمان نظرة وابتسامة مرة أخرى، ثم هز أكرم عالمنا كتفيه، قائلا:
- إن لم تثق بنفسك، فبمن يمكن أن تثق؟!
بهرت العبارة رياض، الذي غمغم:
- ولكن ماذا عن كل الوثائق الرسمية التي أتلفت؟!
أجابه مدير المخابرات في حزم:
- اطمئن أيها المفتش؛ كلها تم نسخنها، قبل أن يتم إتلافها.. كل شيء في أمان، وسيعود كما كان.
غمغم رياض:
- والمقار التي تم نسفها.
أجابه نائب المدير هذه المرة:
- لا يمكنك أن تربح حربا بلا خسائر يا رجل.. لقد أسقطنا أقوى شبكة إرهابية عالمية، وظفرنا ولأول مرة بتلك الأفعى صوفيا جريشام، ودونا كاترينا في سبيلها للسقوط.. ألا ترى أن كل هذا الربح، يساوي ما تكبدناه من خسائر؟!
صمت رياض بضع لحظات، قبل أن يجيب:
- بالتأكيد.
رفع أكرم عالمنا سبابته، وكأنه يهم بقول شيء ما، ثم امتقع وجهه فجأة، وغمغم في إعياء واضح:
- رباه!
ثم سقط أرضا، فاندفع الكل نحوه، في حين أسرع رياض يضع منظاره الخاص على عينيه، قبل أن يخفق قلبه في عنف..
فوفقا لما يراه، كان أكرم عالمنا قد استنفد كل ما لديه، للبقاء في ذلك العالم الموازي..
والآن هو يحتضر، ويلفظ طاقته الأخيرة..
وبسرعة.
*** يُتبع بالحلقة الأخيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ma3arif.ahlamontada.net
 
الهدف أنت .. بقلم د. نبيل فاروق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نار .. نار .. بقلم د.نبيل فاروق
» عبر الزمن .. بقلم د. نبيل فاروق
» وللحب ألوان .. بقلم د. نبيل فاروق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي بستان المعارف :: المنتدي العام :: الادبـــــــــى :: اقرأ أونلاين :: د. نبيل فاروق-
انتقل الى: